الأحد، يونيو 24، 2012

عزيزي الرئيس.. لأنني أكره الإخوان

هذه رسالة نصف غاضبة من فتاة تملؤها مشاعر مختلطة، تحاول أخذ أنفاسها بعد تخلصها من الصورة الذهنية لكل من تعرفهم كأبطال لفيلم " احنا بتوع الاوتوبيس".. و لكنها لم تتمكن من مقاومة حسرة يخالطها شعور بالذنب و أشياء أخرى..

لا أملك طاقة السعادة اللازمة لأبارك لك، أو حتى أبارك لنفسي على رئيس يبدو مدنياً و لكنه ليس كذلك.. مللت اقناع نفسي بالأشياء التي أعلم أنها لم تتحقق و لكنها تبدو كذلك، أنت تعلم يا عزيزي أن السعادة المؤقتة بغيضة.. وأنا أشفق على كل من حاولوا العثور فيك على هذه الفرحة بمنكاش و ما سيشعرون به مع أول قرار عسكري ستصدره مؤسسة الإخوان، و ستنصاع أنت له تماماً.. و سنحاول حينها إعادة تدوير مفاهيم الطاعة العمياء و نلتمس العذر لعباد المأمور.. و ننكر تماماً أن مؤسسة الإخوان عسكرية حتى النخاع؟؟ 

لست مهتمة تماما بفوبيا القهر الديني و مخاوف الجميع من فرضكم للشريعة، و لست من رواد درينكيز حتى أقلق بخصوص شح البيرة في السوق.. وباي ذا واي، الجمع مش للتفخيم، مجرد وسيلة لإيضاح إن احنا عارفين انك مش هتحكمها لوحدك..

اللحظة التي ستحلف فيها القسم و تخطو داخل القصر، أنا أعلم جيدا أنك سترتل فيها الآيات و تحمد الله و تهلل.. بصدق أو من باب العادة؟ مش مهتمة.. أود فقط لو تزيد طقساً صغيراً دون مبالغة في الجعجعة.. تذكر اصحابي الذين ماتوا بكل سبل السحل الممكنة  ليأخذوا بيدك إلى هنا حين كان رفاقك تحت القبة يبذلون الجهد لسبهم و نهش أعراضهم.. تذكر صاحبة الملابس الداخلية الزرقاء التي وافقت أنت ضمنيا و من معك على أنها فاحشة، و أخذت تشكر العسكر على مد البلاد بالعون لكشف غي أمثالها..فين حين أنها مثلي و مثل نصف فتيات الثورة، كانت هناك لأنها لا تملك متابعة الظلم على الشاشة و الاكتفاء بالبكاء ليلاً..

حين يحادثك أكرم الشاعر ليبارك، أرجوك لا ترد.. من الممكن أن يكون ذاك هو أول قرار جمهوري أستحسنه منك، و تذكر في داخلك أن مثلي كثيرون، ناموا بحسرة و بكاء بعد خروجه علينا بسطوة من تملك فقرر تعليم الخدم الأدب، هو و بقية قومك حاربونا في كل مرة أردنا فيها التخلص من قذارة العسكر.. و رغبنا لو استطاع برلمانكم الموقر أن يوحي ببارقة أمل، و لكنه دائما ما أقر بأن الشهداء يستحقون القتل بتهمة الغباء، و نفى تماماً تورط القتلة.. و باغتنا بمزيد من القهر

لا يمكنني أن أنسى حملة " شغلني مكانه" حين نادينا بالعصيان المدني حتى نحمي مستقبل الثورة من رؤساء تحت قائمة : ماريونيت بردو بس أكثر شياكة.. و لا بجمعة قندهار و تذرعكم بصوت القرآن لقتل أصواتنا، شكركم المتصل للعسكر على قتل الجميع من أجل حكاية البلاد كان تميمة اكتمال كراهيتي تماماً..

عزيزي الرئيس..
أنا أقف من الآن في صف معارضتك.. أنتظر تخييب أملي بفارغ الصبر، و أحاول إلقاء الدعابة الخاصة بالمهندسين اللي هيسودوا العالم حتى أخبئ غضبي.. و أحاول فقط النوم الليلة دي بسلام..

الأحد، يونيو 10، 2012

في الشقة المحرضة على العشق..




منذ مدة أصبحنا من أصحاب الأطيان و الأعيان و بقى عندنا بيت جديد في مدينة جديدة ملحقة بـ  6 أكتوبر لا يعرفها أحد اسمها الفردوس.. و طبعا عشان أنا مش وش نعمة، أرفض أن أترك بيتنا البرجوازي لبيت آخر اكثر برجوازية لأن المنطقة هناك فارغة للغاية، لا يغريني اتساع غرفتي الجديدة.. في الحقيقة برغم إزعاج البشر الذي لا يختلف عليه اثنين إلا أنني أفضل وجودهم في الجوار، من الممتع أن أشاهدهم أحياناً من البلكون.. يبدون رقيقين من بعيد كما يقول وديع سعادة..

نجتمع بأختي و صغيرها الذي لا يتوقف عن ركل الهواء بقدميه كإنذار واضح للعالم أنه قادم و بقوة، و نذهب لنبيت هناك لليلة.. ندخل من الباب على استحياء و أبدأ في استكشاف المكان، أتذكر نصيحة فرانسيز مايز عند التعامل مع البيوت الجديدة.. أن تقدم نفسك للتعارف بهدوء و لا تخترق الصمت بصخب مبالغ حتى لا يباغتك البيت بغضبه.. اختر غرفة
 و اجعلها غرفتك و املأها بتفاصيلك.. مر مرور الكرام على خصوصية كل فراغ هادئ، و لا تزعج البيت حتى يقدم هو الآخر نفسه لك بسلاسة

وقد حدث، و قرر البيت الترحيب بي..

الوصول للمطبخ هنا - كعادة كل المنازل التي سكناها- يستغرق مسافة من المشي كنت أظنها مزعجة، و لكنه في هذا البيت يعني المرور في رواق طويل به إضاءة خافتة بثلاث أباليك لم تكن سوى واحدة منها فقط مضاءة..

بدأت أستوعب مساحة من الهواء في صدري و أنا أخطو للداخل، و أرتفع بذراعي  محاولة  لمس احدى وحدات الإضاءة التي تشع كقمر صغير .. أمر بأصابعي على الحائط و أفكر أن هذا الرواق يناسب ضمة فجائية بعد عودته من الخارج دون أن أسمع صوت الباب.. يناسب مصالحة طفولية بعد شجار عنيف وغميضة نلعبها لقتل الملل.. أشعر بأنفاسه و يدي فوق عينيه في طريقنا لمفاجئة لم يتم الاستعداد لها جيدا.. و صوتي عاليا أقف في وسط الرواق أناديه كي يأتي ليتناول مني الأطباق، سأصاب بكسلي المعهود أن أذهب لأناديه من الغرفة مخصوص.. و سأغتاط كثيراً لأنه  لن يرد..

أضحك في سري و أعد أكواب الشاي بلبن للجميع و أعود..

بعد نصف ساعة تقطع الكهرباء عن المنطقة كاملة، يتشاءم الجميع و أشعر ببهجة لأنني أعشق الظلام.. أخرج للروف الذي هو الجزء الأجمل من الشقة، و أنظر للمنازل التي تبدو كظلال متراقصة بعيدة.. القمر واضح في صورة ثلاثة أرباع رغيف شهي، و السماء صافية كما لم أرها من قبل.. أدقق بعد أن تهدأ عيني فأجد نجوم.. نجوم كثيرة متلاصقة و متباعدة و أحياناً متحركة! أجلس على كرسي و أظل أبحلق في النجوم مغمورة تماما بالدهشة، أفكر أنك لو كنت هنا لمارست معك هوايتي المعتادة في عدها، و متخافش مش هيطلعوا 8 زي مابعدهم كل مرة من شباك البيت التاني.. أراهنك هذه المرة أنهم سيزيدون عن الخمسين لو صبرنا و استكملنا العد.. سننكمش سويا هنا بجانب هذا العمود الصغير، و سننهمك في حصرهم و نضع خطة حتى لا نخطئ، وبعد أن ننتهي سأغني لك أغنية لا أعرفها الآن.. و سأقرصك من أذنك إذا ضحكت من نشاز صوتي..

سنكون أكبر بقليل.. ستأخذ كل الأشياء حجمها الحقيقي و ستكون لحظات الطفولة و البله تمائم للسعادة، لن أشعر معك بالنقص و السبب الوحيد الذي سيدفعني حينها للبكاء في المواصلات هو أنني أغضبتك

عزيزي الذي لن أجده غالباً قبل الأربعين: مستمتعة بالأمل في وجودك.. شكراً

و  لازم هجيبك يوم هنا..

الأربعاء، يونيو 06، 2012

التدوينة أم وشين :\



Phase(1)
" ما قبل المكرونة"
القليل من الخواء و الكثير من الوحشة..وصفة بنت ميتين تيت تيت لقتل الروح، اضف اليها انقطاع النت و النتيتة ومشكلة أزلية في طبق الدش باللحمة المفرومة و نقص حاد في النقدية، لو كان آخر الشهر رجلا عليا النعمة لكنت شرحته! المهم، ستجد أنني مضطرة بالفعل للاكتئاب، عفوا يا صديقي لا يوجد حل آخر..

كنت أشعر بغربة"غريبة!" اليومين اللي فاتو، لا أود مجالسة أحد و لا حتى القريبين و لا حتى أقربهم، واذا جلست لا أجد ما اقوله فيزداد اكتئابي، أشعر بأنني lost my charm! لأسباب لا أجهلها و هذا ألعن.. المهم أنني لا أجد في خزانتي ما يستحق الحكي سوى ملحوظات مكررة عن مخاوفي و الهسس الذي يمنعني من رؤية الطريق بوضوح، أقوم بالتتنيح المعتاد في السقف قبل النوم و لا أصدق أن حكاياتي نفذت! احيه؟!لاشيء جديد، لا أثر للهفتي لمشاركة الآخرين مصادر سعادة خفية أجدها بالصدفة، حتى الحواديت اللطيفة التي تحويها الكتب لا تعلق في ذاكرتي.. ما مصدر الكسرة البغيضة في منتصف الصدر وانسدادة النفس اللانهائية؟ و المصحف انا لو اعرف اقول على طول!

حسنا لقد ازداد وزني قليلا، هذا يسبب لي القليل من الاكتئاب.. الكثير يصرون انني هكذا أحلى و لكنني لا أفهم الرابط العجيب بين زيادة الوزن و حجم المناخير فيضايقني الأمر، مناخيري كبرت أوي يعني! كما أن مغازلتي في الشارع على أنني "وزة" غير مبهج بالمرة، أفضل أنا الأداء بتاع "رفيع بس طعم".. أفضل ارتداء ملابسي دون قلق وعدم التفكير في مظهري مرتين عند باب البيت.. و كل ما اقول لحد اني عايزة اخس تاني يبقى هيديني على وشي!

فيما أحاول فهم مأساتي، تظهر أغنية صباح و مسا المسجلة في حفلة بيت الدين برفقة بيانو زياد الآن في شافل البلاي ليست بشكل فجائي.. ايه! عندما تدندن فيروز  مع ابنها يتوقف العالم، عندما تقول " شو بدي دور لشو عم دور على غيره.. في ناس كتير لكن بيصير مافي غيره.." أحاول أن أبحث شخص يطابقه هذا الوصف فلا أجد.. لم أقع في غرام أحدهم و أندم على خسارته بهذا الشكل، كلهم لامؤاخذة شمال!، و أنا دائما أعلق في دوامة خسارة جزء من نفسي و لا شيء أكثر.. و هذا يعني أنني إما بائسة للغاية أو محظوظة للغاية.. أفكر أن فيروز تغني بهذه الرهافة وهي تذكر عاصي بالتأكيد، و أتذكر حكاية سمعتها من مدة، عندما زار عبد الوهاب بيت الرحابنة حيث كانت فيروز تغني و هي تعد الشاي في المطبخ و يرد عليها عاصي من الخارج و يشاركهم زياد على البيانو وأحيانا يكتفي بالضحك.. أعتقد أن عبد الوهاب على قدر ذهوله كان سيقول" دة انا كنت بحب صندل في مصر!" لو تواجد حينها هذا الإفيه.. لكنه اكتفى بنقل القصة كعقاب كاف لكل ولاد الكئيبة من أمثالنا

حسنا.. الملخص: مكتئبة على استحياء، حاسة اني مش حلوة لا شكلا و لا موضوعا.. عايزة أخس.. عايزة يبقى بيني و بين كل الرجالة اللي في الكون فدان، و هفضل زعلانة بردو عشان كان نفسي ألاقي راجل طيب مش موجود في  العالم، "دكة" قطتي المستقبلية ستحل أهلا و سهلا ضيف على اوضتي في خلال كام يوم.. لسة بتعرف على ناس بتحب محمد فوزي و عب مطلب و بتدندن أغانيهم جنب طلعت حرب، بفتكرهم فجأة وببتسم.. كان نفسي يبقى عندي نت دلوقتي و اسمع " هلت ليالي القمر "، وقعت عيني على جملة في الكتاب اللي في ايدي ضحكتني اوي : لم أعد شريكا لأحد لأنني أردت الاستقلال و فتح صفحة جديدة في الحياة،  " طول عمري أبحث عن الاستقلال و عن فتح صفحة جديدة.. دون جدوى! "

Phase(2)
"المكرونة بقى"


في الرابعة صباحا أشعر بجوع أحاول الصهينة عليه عشان لازم أخس وبتاع.. في حوالي الخامسة كنت أشم رائحة الباستا  في أنفي وأفكر في احتياجي البائس لطماطم طازجة عشان مش في مود صلصة أم مواد حافظة خالص.. في الخامسة و النصف تركت كل شيء و قررت إني هفطر مكرونة بالطماطم و النعناع، ولقيت طماطم في التلاجة يا حلوللي.. ولا أدري كيف تحولت من البؤس الخالص إلى البهجة الخالصة و وقفت اطبخ و أدندن "يسعد صباحك يا حلو" التي لا احفظ منها سوى مقطع يتيم كررته مرارا و مرارا حتى حفظته خامة صوتي و أجدته بالفعل.. فوجدت نفسي فجأة فتاة رائقة رائعة تطبخ في الفجرية و تغني بصوت يليق بصبحية بنت ناس.. وأخدت اضحك و اضرب كف على كف! مجنونة رسمي والمصحف..

الخطير في الأمر ان الجو كان روعة.. نسمة هواء باردة و كمية غير معقولة من الورد في الشارع و زقزقات مبعثرة على الأسطح.. وانا اعانق طبق المكرونة بوله  وأشعر أنني لا أمانع الحياة في هذا العالم.. بشرط، أن يظل يغدق علي بهذه اللحظات الرائقة و يصبر علي إذا ما أصابتني نوبات التخبط.. و في الحقيقة تسلم ايديا، الأكل كان تحيف و النعناع الطازة دة بالتأكيد تميمة سرية للسعادة.. ودلوقتي هموت و اقوم انام بس مستخسرة اسيب الجو الحلو، عارفة اني هصحى الاقي الدنيا حر..

و نرجع و نقول:
يا مثبت العقل و الروقان يارب!