الأحد، يناير 24، 2010

في الأربعين ...




أتمنى أحيانًا لو أغمض عيني في سكينة لثوان معدودة .. لأفتح جفنيّ و أجد نفسي في الأربعين !

سأستيقظ في بيتي الهادئ الصغير الذي اخترته في دور مرتفع حتى أقترب قدر المستطاع من السماء .. أعلم جيدا أنني سأستيقظ في غرفة مليئة بالألوان الدافئة ،،بآلام في الظهر و الرقبة ظهرت بوادرها منذ سنين .. و سأعاني آلام بعض المفاصل نتيجة عادة سيئة منذ عشرينياتي ( بطقطقة ) كل ما يمكن طقطقته من مفاصل جسدي ..
سأجد أمام عينيّ في لحظتي الأولى من اليوم وجوها مبتسمة محببة إلى نفسي في قدر من الصور المبعثرة تلقائيا على بورد خشبي دافئ معلق أمام السرير .. تصاحبها تعليقات على أحداث الصور ،، و سأضحك على إحدى التعليقات اليوم أيضا ..
لا أعتقد أنني حينها سأكون مالكة لمكتب معماري مستقل .. ربما سأكون استشارية في مكتب يملكه غيري .. أو ربما أكون قد اتجهت إلى السلك الجامعي بعد سفري لإكمال دراستي بالخارج ، ذاك القرار الذي اتخذته أخيرا و بصعوبة شديدة هربا من صخب المشكلات الذي كنت ألف و أدور فيه .. و الذي عدت لأجده على حاله حتى أصبح جزءا من الروتين اليومي بلا ذات القدر من الألم .. احتجت لفاصل قصير منه فقط ..

سأهاتف العمل أيا كان لأخبرهم بتأخري قليلا – كالعادة – ريثما أنهي فطوري و أقوم بمشوار مهم ..

سأصاحب كوبا من الكابتشينو و كعكا بالكريمة و صوص البندق و الكراميل في ركني المفضل بالتيراس مع صوت فيروز أو شيء من الموسيقى الهادئة .. سأبتسم للقطات تمر أمام عينيّ لإحدى بنات أو أبناء أحد أخواتي أو أصدقائي .. فلقد أصبحت ( خالتو و عمتو ريمو ) لكثير من الصغار الذين يحبون رؤيتي كثيرا حيث يصاحبني الكثير من الحكايا التي أصبحت أكثر حرفية في إلقائها بعد سنواتي في بلاد ملأى بهمسات الطبيعة و الجبال التي تخفي زرقة خلف الخضار ،، و الخلوة الحقيقية بالسحب .. فسأتعمد أن أذكر في حكاياي عن تلك الأشياء كلها لعقولهم الصغيرة .. و أنتظر الأسئلة حول تلك النبتة التي ذكرت اسمها وسط الحديث أو تلك المدينة البعيدة التي لم يسمعوا عنها من قبل ...

سأنهي فطوري سريعا و أرتدي ملابس هادئة قليلة الزخارف بقماش مريح لا يحتاج إلى الكي ! .. و سأنظر في المرآة إلى شحوب وجهي الذي اعتدته منذ عشرينياتي أيضا ،، و سأبتسم لفكرة أنثوية بحتة بكوني أبدو أصغر من سني لقصر قامتي و قربي إلى النحول ،، و أنه لا أحد يلحظ تلك التجاعيد القليلة بالتأكيد ..

سأذهب إلى بيت أبي و سأجد نظرة عتاب لتأخري .. سأحاول إلهائها بأسئلتي عن ( سهرة الشطرنج ) البارحة و التي لم يتوقف عنها طوال العمر .. و سيخبرني بشغف عما دار و كيف أن عمي تحسن كثيرا بل و صار ينافسه .. و أنهما معا لم يتركو فرصة للمتواجدين باقتناص ( أي جيم .. )

ثم يقول لي كما تعود : ( الخدمة هنا بقت وحشة اوى يا روي .. مفيش شاي بالنعناع و لا ايه ؟؟ ) .. و سأبتسم كالعادة و أقوم لإعداد الشاي .. و سأكون قد توقفت أخيرا عن إخباره بأن " روي " هو " الكلب الي في الشموع السوداء يا بابا !"

سأخبره بمجيئي للغداء و تمضية اليوم قبل أن أمضي أمسيتي في بيتي الصغير .. هكذا أفعل كل يوم ..

...

سأعود إلى البيت بشوق كبير لتفاصيله و لتميزه بقلة الأثاث و إضاءته الليلية المدروسة بعناية .. سأمضي القليل من الوقت قبل النوم في قراءة شيء ما أو كتابة جزء جديد من كتابي القادم ... سأهاتف أبي ثم أحد أصدقائي ،، و أخلد للنوم بابتسامة على وجهي تحكي عن الكثير من السكينة التي وجدتها أخيرا....

...

16-9-2009
:)