الأحد، يناير 29، 2012

PASTA







حدوتة العرسة " مصطلح شهير –بالنسبة لي على الأقل- يقصد به التعبير عن ملل التكرار، هو انت بقى هتقعد تحكيلي حدوتة العرسة؟؟! .. و كنت أعتقد أن حدوتة العرسة التي أعرفها أنا هي الحدوتة التي يعرفها الجميع .. و هي أسطورة صغيرة تخص جدتي حيث كان منتصف شعرها أبيض تماماً فيما بقية شعرها أسود تماماً.. كانت تحكي لنا أنها كانت تجلس على سطح بيتها في أحد نهارات الجمعة حين سقطت فوق رأسها من أعلى غرفة السطح عرسة.. فابيض الجزء الذي سقطت عليه من شدة خوفها، هكذا تقول الأسطورة و قد صدقتها تماماً حتى وقت قريب، حتى اكتشفت أن حدوتة عرسة جدتي لا يعرف بأمرها أحد، بل أن المصطلح ذاته غير شهير .. على نطاق أسوأ: الحدوتة مفبركة تماماً.. و كانت تهدف لإلهاء الصغار الذين يسألون و لا يريدون سوى إجابات تسلي النهارات المملة في بيت الجدة وسط الكبار.. لا أكثر و لا أقل!



هل تعلمون؟ أخبروني أيضاً أنني عندما أنام مبكراً تحرسني الجنية و تمسح على شعري طوال الليل و لهذا يستيقظ الذين ينامون مبكراً في صحة و قوة و نشاااط، بخلاف أنني أصحو مرهقة و شبه مكسحة في جميع الحالات.. أخبروني أن أفعل الخير و أرميه النيل لأنني حينها سأشربه من جديد عندما يتساقط من صنبور حمام بيتنا وحينها سأصبح أجمل.. فكنت كالبلهاء أقف أمام صنبور المياه مبتسمة على أمل أنني أشرب الآن نتاج الجنيهات التي منحتها للسيدة العجوز أو مفعول النكتة التي قلتها للفتاة الباكية حتى ضحكت.. و كنت أصدق أن وجهي يصبح أجمل بالفعل





مازلت تقريبا نفس الصغيرة التي لا ترغب سوى في حواديت ممتعة تصدقها بيقين مؤلم و تترك الواقع للي عاجبينه! هي ذاتها بعينيها الواسعتين الشاردتين في الملكوت على أمل إيجاد شيء من الجمال يمكن أن تريه للآخرين، فتحصد قبلة..و احتفاء بمجهوداتها الرائعة في إضافة مذاق للجلسة، مازلت أتمسك بذات الطقس و أتوقع أنه يكفي و إن أنا كدة عاملة اللي عليا و زيادة! ومطالبتي بأشياء أخرى ماهو إلا ظلم بين.. فالصغيرة المذكورة سابقاً كانت متفرغة تماماً لفعل ذلك وحده، أما أنا الآن فأكابد وسط الاكتئاب و العمل و دخان الأتوبيسات و هرس الأقدام و العرق الصيفي و رائحة النوم الشتوية و الأوجه العابسة و ردود الأفعال المحبطة و مشاكل العلاقات و هموم الغد و الفجوة بين الأجيال و الفجوة الأخرى بين ما أحياه و ما أريده و كراهيتي لمفهوم المال و" الشكوى المتدارية" و أهمية أن أكون " عاقلة" و لا أصرخ كلما رغبت في ذلك و تمشية الأمور و تطنيش مش عارفة ايه و تعقيدات تعقيدات تعقيـــداات .. منشغلة أنا حقاً! و إيجاد مساحة في صدري لأشياء أخرى بخلاف محاولة إيجاد شيء من الجمال وسط كل هذا القبح لأريه للآخرين كي أحصد قبلة.. هذا في حد ذاته شيء مستحيل!





لا أذكر ما هي الحلقة الأولى في سلسلة " سد النفس" التي حوصرت بداخلها الآن .. أفقد تقريباً استمتاعي بكل شيء لأنني لا أعرف حقيقةً جدواه، ما الجدوى من المنح أو المنع أو الدفء أو حتى اللامبالاة؟ ما الهدف من كل هذا إذن؟ بخلاف تصحيح كافة معلوماتي و أساطيري الشخصية " مش فاهمة دة مهم جداً ليه أساسا"و لكنه يهم الكون لسبب ما .. بخلافه.. ما الهدف من هذه الرحلة العظيمة لاكتشاف الذات؟ بعد ما اكتشف أم الذات يعني ايه اللي هيحصل؟ متهيألي هيا حاجة من اتنين ، يا أما هخش السحب على عربية كيا، يا إما هكسب واحد دولسي فانيليا.. وأعتقد أنني حينها سأفضل الدولسي.. فكلما تذكرت القرف المصاحب للسواقة، تصبح العربية الكيا الملفوفة بفيونكة كابوس مغلف بورق مفضض!





في الحقيقة قمت بكتابة هذه التدوينة من أجل معلومة واحدة لم أذكرها بعد، حيث أنني أصبت بصدمة حضارية واسعة المدى عندما علمت أن " الباستا" ليست أكلة أيطالية في الأساس.. و لكن الرحالة " ماركو أبولو " أحضرها من الصين في إحدى رحلاته لإيطاليا، فالناس استمخت منها و أصبحت طبقهم المفضل.. و لكنها ليست إيطالية





و لهذا أحب أن أقول للجميع:


كفاية كدب بقى ياولاد المجنونة!