الاثنين، ديسمبر 19، 2011

لأنني لن أفهم..

أرجوك يارب، أخبرني ما الذي يحدث

أي شيء، أريد أي شيء!.. حلم، خبر، جملة في كتاب،فكرة تهب فجأة!.. أي حدث بسيط ساذج و أنا "هتلكك" و سأعتبره طرف الخيط .. أي لمحة عن القادم سأتمسك بها و أحاول حياكة طريق.. أي لافتة تشير في أي اتجاه خارج الدوامة... أي شيء سيكون أهون.. أرجوك! أنا أعرف أن الأنبياء قد رحلوا ولن يأتينا وحي عن زحام سمائك بمن غادرونا بدري.. أو بما سينتج عن إزاحتهم عن خارطة العالم هذه المرة، وزارة جديدة؟ أم خطاب عن ضبط النفس.. الأنبياء قد رحلوايارب.. حتى العرافات الآن يكتفين بوشوشة الودع ليخبرن البنات أنهن سيتزوجن، وينبئنهن بفرحة قادمة لا مؤشر حقيقي لها في خرائط قهوتهن.. اعتزلن تماما شئون الحكم و الأرض والأوطان.. و إطلاع الفرسان العزل على جزء من الطريق وسط معركة في هذه العتمة بلا خرائط .. العرافات امتنعن..حتى العرافات يردن المال يارب، و الأنبياء رحلوا.. و أنا تائهة في دوامة العالم البغيضة و أريد لمحة بسيطة تطفئ همي، من فضلك!

يتعذر على عقلي التافه أن أفهم، أسب و أبغض ما يحدث و أحاول أن أشارك ثم يقف عقلي من جديد.. زنة بغيضة تلاحق أذني وأنا أشاهد ما يثبت أن حاميها حراميها بالفعل .. ينقطع الإرسال في رأسي ليستبدل بمشاهد حقيقية.. ليست نظريات مؤامرة ساذجة إذن، دة مش حاميها حراميها بس.. دة حارقها و سارقها وقاتلها و زانيها، إنهم يحرقون الأرض بمن عليها يارب.. وأنا لن أفهم كل هذا وحدي!

" الملعونون هم كل من بقوا على قيد الحياة"
في كل مرة تدق هذه الجملة في أذني بمصاحبة الزنة إياها و أنا أفكر.. أينا أكثر حظاً؟ هم لهم السما و شرف الشهادة و الخلاص ، و لكل منا عشرة سنتيمترات في كل مواصلة و مئة و خمسون جنيه من الحكومة شهرياً و صفعة بعصا الغنم في الميادين.. ولكننا أيضاً هنا، نجلس معاً على القهاوي نصبّر بعضنا و نمسك بالأيادي و نأمل أن كل خطوة جديدة لربما أوصلتنا.. هم في الأعالي يضحكون مثلنا على النكات الخاصة بتأسلم كل شيء، يضحكون بغصة في الحلق تمنعهم من الاستمتاع بالتحليق ... و تنقبض قلوبهم إذا ما فكروا أنهم ربما ماتوا في سبيل هذا العبث!
أينا أكثر حظاً؟

تختلط المشاهد في رأسي،... البالونات السوداء التي نعت الشهداء تطير في سماء يملؤها دخان احتراق المجمع والمباني حوله.. العتمة تهب فجأة في قهوة بستان شارع شريف ليصبح شبيهاً بمحمد محمود ومجلس الوزرا بعد أن غادرتهما الحياة، ثم تتحول قططه إلى أطفال شوارع تطارد الجميع بالمولوتوف.. تختفي الكتب في كل فرشة و يحل محلها جرنان التحرير بصفحة أولى يتصدرها " كـــذّابــون" برفقة صورة جندي يعري امرأة، و وسط الميدان شاشة كمبيوتر ضخمة مليئة بتعليقات الفيس بوك عن ملابسها الداخلية الفاضحة، و التي ستؤثر حتماً في القضاة.. و نزاهة الانتخابات!


الجمعة، ديسمبر 09، 2011

العزومة..






يقولون دائما عن جدتي" كانت اللي تحبه تحب تأكّله ".. أظن أنني ورثت العادة عنها :)

هذه هي المرة الأولى التي أطبخ فيها هذه الكمية من الطعام لأصحابي، بمعنى أدق: لأشخاص يبهجني أن أراهم بخير ، أن أساهم في سعادتهم و لو بتعليق تافه مضحك.. اممممم الأصحاب، هذه العائلة الصغيرة البديلة التي تختارها بنفسك و تتناسى معها تماماً آلام التمرد و الصراعات الوجودية المضحكة أياً كان نوعها.. تنخرط في الجمع بهدوء، وتعد الطعام بسعادة و أنت تتخيل الجلسة المزدحمة بعشرين شخص رائع سيشبع "معظمهم" برغم القلة النسبية للموجود.. تشعر بقليل من الرضا أنك نجحت في غفلة من الجميع في صنع جزء بسيط من ذاكراتهم يخصك... يعني مثلا بعد كام سنة، احتمال 5، 6 أشخاص منهم يبقوا قاعدين ع القهوة سوا و حد فيهم يقول على غفلة: فاكرين اليوم بتاع عزومة ريهام؟

نجحت في التسلل و انتهى الأمر :)

العزومة عزومة سمك و رز و كاليماري و جمبري و خلافه.. منذ عدة ساعات و أنا منشغلة في التحضير، اشتريت كل شيء و حاولت ترتيب ذهني و ايه هيتعمل مع ايه قبل ايه و بعدين بكرة هيتسخن ازاي!.. فاكتشفت الساعة العاشرة و النصف أنني لا أملك حلة تصلح لعمل كمية مناسبة من الرز غير المحروق.. حلة الرز الخاصة بي صغيرة جداً و بقية الحلل بتحرقه! قررت أن أنزل لشراء حلة و أن أسابق الوقت للتوحيد و النور الذي لا أدري إن كان ينتظرني أم أغلق أبوابه .. وصلت فوجدت جزء من الأنوار مغلق.. ركضت فعلياً على السلالم حتى الدور الثالث فوجدت شاب نصف نائم يطمئنني إني لحقته... اشتريت حلتي الأثيرة و احتضنتها بين ذراعي حتى الكاشير، و عدت للبيت منذ بضعة دقائق...

أتصرف هذه الأيام دائماً بشكل خاطئ.. أفسد الفرص ثم أغضب على الجميع.. أشعر بأنني البيانست الصغير الذي يشعر بقهر شديد لأنه لا يقود الأوركسترا الضخمة، وإذا ما أمسك نوتة صغيرة أفسد اللحن.. و جلس يهيل التراب على وجهه و يندب حظه و يمقت الجميع لأنهم لن يعطونه فرصة أخرى! أشياء كثيرة تحاول أن تثبت لي بأنني شخص سيء، وأنا أحاول أن أقتنع بأنني شخص جيد سيء الحظ لا أكثر.. ربما لا أصلح لقيادة الأوركسترا، لماذا لا أرضى بدور البيانست الصغير ببساطة؟

في أثناء تفعيص الطماطم و تتبيل السمك، ووسط رائحة البصل المحمر و الكمون.. سأحاول نسيان كم أنا دائماً مقصرة و " خايبة" و أشياء أخرى.. لن أفكر سوى في أن طاقتي الذهنية ستظهر في الطعام و أنه علي أن أستمتع بطهيه كي يصبح أشهى.. سأتخيل أوجه العيال صحابي المبهجة كلما باغتتني فكرة مرهقة ،سأتذكر ببساطة أنه هناك أشياء أخرى في الكون بخلاف أخطائي، و أصبح أفضل..

و سأسمّي قبل أن أطش البصل في الزيت كما كانت تفعل جدتي
" عشان ربنا يبارك في الأكل"
:)