الخميس، أغسطس 30، 2012

البنت اللي..



البنت اللي انت شايفها دي، مش سهلة لعلمك.. هيا بس كانت بتحاول تبان سهلة يمكن عقدتها تتفك، و لما زهقت قررت متمثلش تاني، و دة كان أصعب قرار خدته في حياتها..

البنت اللي ممكن تحلم بيك و تفتكرك في وسط اليوم و تبتسم لمجرد انها قررت -مع نفسها كدة - ان حضنك شكله دافي و نظرتك الصبح أول ماتصحى من النوم هيبقى ملهاش مثيل.. البنت دي تجاهلت احتمالات العماص و الشعر المنكوش و المزاج اللي مش رايق، تجاهلت كل حاجة ممكن تبوظ حلمها.. و كانت بتبسم لما حد بيزقها في المواصلات لما تفكر انك لو كنت هنا كنت خدتها ف حضنك و زعقتلهم كلهم..

نفس البنت دي شالتك من تفكيرها تماما أول ماحست بالكهربا المؤذية اللي بتطرطش من أسلاكك البايظة، انت خوفتها و استمتعت، و خسرت فرصة هايلة لبني آدم أقصى أمنياته ان الدنيا تتجمع تحت رجليك

البنت دي كانت بتحلم و هيا صغيرة انها بتتشقلب ع الحبال  عشان تنقذ العيال الصغيرين زي بات و سوبر -وكل حاجة- مان.. هيا نفس البنت اللي بتحلم دلوقتي ساعات بفرصة جديدة في الثورة الجاية لتحقيق البطولة، و بتفكر ازاي هتعدي الحواجز لما تشوف ست بتنضرب بعيد.. هتتحدى كل حاجة و تخش تحوش عنها و تنضرب هيا كمان.. الحلم الجديد مفيهوش تنطيط ع الحبال، فيه عسكري أمن مركزي بيترمي على وشه رمل و بيتزق بكل قوتها.. و ساعات بيكمل الحلم في مستشفى الميدان بولد حليوة كان حاضر الموقف.. أو دكتور حليوة بردو يقرر يسألها عن قصة حياتها و يقعد يحب فيها بقية الحلم.. بس بتفضل لذة ضرب العسكري مسيطرة ع الموقف 

البنت اللي لما "بتتزنق" تماما في زخنوق من الإحباط و النكد، بتقعد تكلم نفسها بصوت عالي و تقيم حوارات وهمية تماما و مقنعة جدا عن احتمالات حلوة مكنتش شايفاها.. البنت دي مبتعرفش تفوق غير لو عملت الحوار دة، و ساعات بتنقلب تماما من العياط المكتوم في المناخير للضحك بصوت عالي.. و تروح بعد كدة تستخبى في الأوضة و تفتح التليفزيون و جواها كمية مهولة من الصلوات انها تلاقي حاجة دافية تونس بقية الليلة.. و لو لقت فعلا حاجة م النوع دة، بتتحول من الاكتئاب للسعــادة المطلقة


البنت اللي موهومة بالسفر و مستنية الدنيا تمطر فيَز و يلبسوها فستان حرير و يشيلوها هيلة بيلة على كل حتة حلوة في الدنيا.. البنت اللي بتقعد على جوجل بالساعات تتفرج ع الدنيا دي و تحجز حجوزات وهمية في شركات الطيران و الاوتيلات في كل حتة نفسها تروحها، و تحسب حسبتها و تكتشف انها محتاجة تحوش شهووور عشان تنفذ أي خطة.. البنت دي في النهاية بتصرف الفلوس اللي حوشتها كلها عشان تجيب أكل حلو للقطة، أصل القطط و هيا بتاكل بنِفس شكلها حلو أوي.. إغراء لا يمكن مقاومته

البنت اللي مش لاقية نفسها غير في وسط صحابها، فقدت ايمانها تماما بكل المسلمات اللي في العالم.. بس لسة مفقدتش ايمانها بالسما و بربنا، مش ماشي معاها موضة " الإلحاد" اللي ماشية في البلد.. لا الإلحاد و لا البنطلونات الفيزون يخشوا ذمتها بمليم..

البنت اللي بتحتاج أحضان طويلة مواعيد حفلاتها بتعدي بدون مايقطع حد التذاكر.. بس بتعرف تلاقي نفسها كتير في المسارح المكيفة الضلمة.. وربنا لسة بيبعتلها حاجات حلوة فجائية، و بتتقهر أحيانا لما تضطر تحفّظ نفسها معلومات غلط عن فكرة " الوليف" بصفة عامة.. بس هيا في النهاية حافظة كويس و مستعدة تسمّع في أي لحظة..و تصهين على النغزة اللي ناحية الفص الشمال من القلب، و تكمّل كلامها عاااادي  

الثلاثاء، أغسطس 21، 2012

و لا أحد يفهم لماذا يبدو بائع الطراطير حزين..



الكورنيش الآن:

الأزرق السائل أكل العالم..
  ابتلع حدود الكون بنهم بعد أن تحدى الخرائط بوضوح : "  لن ينتهي بحر في خط و نقطة،  أبداً".. الأزرق يصطاد من جوفه الذكريات و أفلام التسعينات، تسبح فوقه سفينة تايتانك لن يقابلها جبل الجليد و يقفز من فوق شاطئه عاشقين ليستمتعوا بالـ ميوت الخاص بالقاع.. يختفيان تماما في طاقة بيضاء من الزّبَد، و تبقى طاولة اسمنتية كتب عليها بخط اليد" لو عاوز تتجوز اتق الله "

بائع الطراطير كائن فضائي.. يسير وسط خلق الله المتأففة من قلة المواصلات و يصفر دون أن ينطق بكلمة،  ناظرا للسمـا في انتظار السفينة الأم، يصفر.. ثم يجلس عند حافة اليوترن متربعا و يبدو  كأنه يمارس اليوجا.. وجهه متجهم، لم يبع طرطورا واحدا

السيارات تغرق بائع الطراطير بأدخنتها و تقنعه بأن يعطي للأزرق السائل قفاه..

"تركتنا جميعا هنا يا صديقي و لن تعود"

أود أن أهمس في أذنه هذه الملحوظة.. و فيما أتشارك معه الاستماع لـ " مستر بوست مان " للبيتلز سأوضح أنني أتفهم أن حزنه لا يتعلق بأنه لم يبع شيئا أو أن إهمال الآخرين على وشك قرقشة عظامه.. هو فقط لا يملك رفاهية ترك عربة الطراطير في وسط الشارع هكذا والركض مسرعا، قبل أن يترك نفسه لبالوعة الذكريات الطافحة فوق الأزرق السائل، تذوّبه.. و تغرق السائرين.

الأحد، أغسطس 19، 2012

شوكة أهلا و سهلا..




" اللي تخاف منه ميجيش أحسن منه.."

جملة الاكليشيه بتقول كدة.. و أنا مؤخرا بقيت بقدس الاكليشيهات، مش ممكن يعني طلعت كلها صح فحت! ماهي مانتشرتش من فراغ يا ولاد الذكية :) و دة اللي حصل ببساطة..

كالعادة كنت خايفة بل مرعوبة من مقابلة أمي " السنوية " اللي عمرها مابتعدي على خير.. كنت رايحة متحفزة و عرق النكد ضارب في نفوخي بقاله يومين و عمالة أفتكر حاجات مضايقاني و مقررة إني هتخانق، أيوة.. أصلها عملت و عملت و كمان بتلومني و مش عاجبها؟ اللعنة على كل الواجبات الكونية.. هتخانق و هقول اللي في نفسي و هقوم امشي واسيب المكان كمان، أيوة اومال ايه؟!

رحت الزيارة في بيت خالتو ايمان اللي هيا خالة أمي و أصغر منها ببتاع 10 سنين لأسباب عائلية يطول شرحها :\.. المهم ان خالتو " بطة " دي أنا بحبها الحقيقة.. و عندي حادثة شهيرة معاها و انا صغننة حيث كانت بوادر الغلباوية  اللي جابتني ورا لما كبرت.. لما قالتلي و انا عندي 5 سنين : " سلمي عليا انا خالتو بطة.." فبصيت لها بتناكة شديدة و قلتلها : " وانا خالتو وزة! " فانفجر الجميع من الضحك و عم السلام في البلاد #قلش منذ الطفولة:
D

المهم ان الست بيتها طيب جدا.. و قعدت أضحك معاها كتير و مكنش في مجال أسيبه لعرق النكد خالص، كنت بفكر ان نفسي بيتي يبقى كدة، و ابقى ضوحكية كدة و انا عندي خمسين سنة و 4 عيال و ديفو دائم في رجلي الشمال يؤثر على المشي.. صحيح لما امي خدتني جوة عشان تقررني و تبتدي قايمة اللوم و العتاب قلت شوية من اللي ف نفسي، إنما في المجمل القعدة عدت على خير و الأمن مستتب.. بل تعدت الخيرية لإنها تكون قعدة حميمية ممتعة مع " معاذ" كمان البالغ من العمر سنتين بحالهم.. و بيتعامل مع عُمر ابن اختي على انه الننة و بيفضيله العربية و يحاول يفهمنا " عجلة.. زقُه.. عجلة عجلة "

خالتو ايمان عندها بنت جميلة في أولى اعلام خلصت صلاة بتلهف شديد اني أسلم عليها من كتر ماضحكتها حلوة و رنت في البيت أول ماوصلت.. " هدير" بنت رقيقة فحت و ضحكتها عالية و منطلقة كدة، و احنا بناكل مامتها بصتلها و دار حوار غريب الحقيقة:

- انتي هعرفي تاكلي بالشوكة دي؟
-لأ طبعا.. و النبي يا حمادة هات في ايدك شوكة أهلا و سهلا

و جه حمادة و معاه شوكة معدن طبيعية جدا مفهمتش ايه الفرق بينها و بين الشوك الباقية يعني، راحت ضاحكة و وريتهاني:
- مكتوب عليها أهلا و سهلا أهوو والله

لحقتني خالتو بتبرير فوري ان الشوكة دي باباها جابها من المدينة و كان بياكل بيها هناك.. و انتقلت ملكيتها لهدير بعد وفاة باباها و مبتعرفش تاكل بشوكة غيرها..

التفصيلة دي بالذات خلتني مبتسمة بقية اليوم.. قعدت أفكر في حاجات كتير متفردة تخص كل واحد و كل حاجة و كل موقف..

يعني مثلا مفيش زي حضن دينا ع القهوة، و مفيش زي صوت
yves montand ع البحر، و مفيش زي قدرة ملكة على السخرية الفورية الممتعة..  مفيش زي وقفة فيروز ع المسرح، و لا زي قراية الشعر على جوعة.. و لا زي البطيخ الساقع في الحر، و لا صنداي الكراميل و انا بتمشى لوحدي ف اي حتة، لا زي صوت الست في التاكسي و لا الشارع.. مفيش زي اللون الابيض يحلي أي هدوم، و لا زي ضحكة رضوى على حاجات بسيطة.. مفيش زي وش غادة و هي بتقرا نص، و لا زي حضن ريماس بنت اختي و هيا لسة صاحية من النوم.. مفيش زي " خلي بالك من نفسك و النبي " و هيا بتتقال بخوف حقيقي.. مفيش سفرية زي اللي قريت فيها كتاب أليس كاملا في القطر.. مفيش زي فرحة أبويا بطبخة حلوة.. و لا زي لمة تضم كل السكان الأصليين للقهوة و كلهم مزاجهم حلو، و لا زي دلع سعاد حسني.. مفيش ابتسامة شبه ابتسامتي لما بقفش نفسي بتنح لواحد بالتحديد و نفسي أفضل بصاله ثم أحضنه.. مفيش كلام يرن في الودن زي سكريبت فيلم evening.. مفيش زي مزيكة يين تييرسان، و لا زي الغروب ع البحر.. و لا زي فرحتي بشرا هدوم للبيت و ملايات.. مفيش زي دفا القطة، ولا زي حرقة العجز.. و لا زي لحظة التأكد من مشاعر فلان بعد مدة من العبث و التمثيل..

و بالتأكيد مفيش شوكة زي شوكة أهلا و سهلا :)

وعموووماً
كل سنة و انتو طيبين، و للحاجات الصغننة مقدرين
يا حلوووييين  :))