الجمعة، ديسمبر 30، 2016

بابا يظن أني نسيته

بابا.. مساء الخير
أنا أعرف أنك تظن أنني نسيتك لأني لا أتصل كثيرا.. في الحقيقة لا أتصل خالص! أحاول أنا أيضا أن أجد تفسيرا علميا لهذه الظاهرة الغريبة، أفكر في الاتصال بك طوال الوقت ولكن ينتهي بي الحال بألا أتصل.. أتخيل سيناريوهات للمكالمة: تخبرني "اني ما بسألش" فأرد "طب منا كمان والله محدش بيسأل عليا ومابزعلش!" فندخل في جدل طويل وننهي المكالمة بانزعاج.. أتخيل سيناريو آخر تلومني فأقول كلمات عامة مثل "معلش حصل خير" او "الدنيا تلاهي" وأحاول شد طرف الحوار ناحية الأسئلة التقليدية عن الحال والصحة وتنتهي المكالمة بأقل الخسائر.. هناك سيناريوهات عديدة أفشل في الاختيار فيما بينها فأقوم بتأجيل المكالمة إلى ما لا نهاية..

ولكنني في الحقيقة لم أنسك مطلقا.. أفكر فيك طوال الوقت وأتذكرك في كل المواقف.. فكرت أن أخبرك بهذه المواقف كلها حتى تصدقني، وأتخيل سيناريو جديد "نوفي" أقوم فيه بإرسال هذا المقال لك فتقرأه وتنشكح وتنحل جميع مشاكلنا.. مثلا؟

أتذكرك حين تصاب مارية بدور برد سخيف.. أتذكر قاعدتك الخالدة بأنك المريض يجب أن يأكل شوربة الأرنب.. أتذكر كل المرات التي كنت أصاب فيها بالمرض فتحضر لي شوربة الأنارب حتى ترم عضمي حتى إن كنت غضبان علي لأنني أحبس نفسي في غرفتي طوال الوقت.. أتذكر كل شيء وأعد الشوربة لمارية.. شوربة معبأة بحكايات لا يتسنى لنا الوقت لذكرها

أتذكرك حين أشتري أشياء ثقيلة وأحمل أكياس كثيرة في عز الحر.. كنت دائما تعود نافذ الصبر من رحلات شراء مستلزمات البيت وأنا لم أكن أفهم السبب.. طب ليه ماتطلبش منا وخلاص؟ فهمت الآن هذا الشعور بأنه لا أحد يجيد أي شيء وعليك أن تفعل كل شيء بنفسك وإلا كانت النتيجة المزيد من الأعباء -بس بيني وبينك ساعات بطلب من اللي حواليا يعملوا هما الحاجات والحدوتة دي بتنفع-

أتذكرك حين أعد الطعام، وأتمنى في الحقيقة أن تزورنا هنا وترى مستوى طبخي الذي تقدم كثيرا ومابيعجبش حجازي أوي.. هو معتاد على أنواع أخرى من الطعام وأنا لم أعد أحزن لذلك، ولكنني أفتقد وجودك في وجبات عديدة كانت ستعجبك وترفع معنوياتي

أتذكرك حين أمسك بمقبض السيارة الملتهب.. أمضيت عمرا تمسك بالمقابض الملتهبة وتقود سيارتك في درجات حرارة شنيعة.. أتذكرك أيضا حين ارتدي نظارة الشمس اجباريا برغم أنني لا أحبها.. إلا أن انعكاسات شمس الخليج الحارقة تجعل القيادة صعبة والرؤية متعسرة.. أتساءل كيف أمضيت عمرا من القيادة في الشمس دون نظارة.. كيف لم يلفت هذا الأمر انتباهي من قبل؟

تذكرتك اليوم تحديدا وأنا أقود وسط ضباب مخيف.. تذكرت أنك كنت تفتح الشباك إلى جانبك لسبب مجهول ولكن ذلك كان يحسن الرؤية.. ففعلت ذلك بتقليد أعمى ودون فهم.. وبصراحة الرؤية ماتحسنتش بس مش مشكلة بقى :))

أتذكرك وأنا أكافح لأبقي عيني مفتوحتين في نهاية طريق 170 كيلو! في الحقيقة أتخيل مارية وهي تجلس إلى جانبي  وتراقبني وانا على وشك النوم ولكنني مستمرة في القيادة لأنني لا أستطيع أن أترك كل شيء وأقول "مش لاعب!" ولا تفهم عظمة هذا الموقف.. لأنه يظل عاديا حتى نجربه

أتذكرك وأنا لا أريد القيام بأي مشاوير إضافية لأنني كرهت السواقة وسنينها والضروريات لوحدها أصلا مهلكة.. أتذكرك وأنا أجد أن الأيام تمضي في سلسلة لا نهائية من المسئوليات والعمل.. ما كنا ننتقدك عليه سابقا اضطررنا لتنفيذه بحذافيره

أتذكرك وانت تقول " أنا محدش بيعملي أي حاجة" يسيطر علي هذا الشعور كثيرا.. حتى إن قمت ببعض الطلبات كي أتخلص منه يبقى الاحتياج لأشياء لم نطلبها.. حد خد باله وعملها!

أتذكرك وأنا غارقة في أسطورة "الحق.. الحق!" كل الأشياء تحدث في نفس الوقت ويجب أن تهتم بها جميعا في نفس الوقت.. ولا يتبقى لك سوى 5 ساعات نوم بالعافية ولا يوجد من هو مستعد لسماع هذه الشكاوى طوال الوقت

أتذكرك طوال الوقت يا أبي.. أن لم أنس أي شيء.. أنا فقط لا أتصل لأسباب غير معروفة..

في المرة القادمة قبل أن تغضب علي، ضع أمامك ليستة الخيارات التالية:

ريهام بتكره التليفون والسكايب.. ريهام مكتئبة -أغلب الوقت-.. ريهام حمارة بس قلبها طيب.. ريهام بتسوق 340 كيلو كل يوم ومش عاوزة تعيش.. ريهام عيانة أو بنتها عيانة.. ريهام مكتئبة -تاني-.. ريهام مش عارفة تتصل تقول ايه.. ريهام عاوزة تسيب الشغل ومكتئبة -تالت-.. الخ.. الخ

شكرا يا بابا
مارية تبعث قبلاتها.. وننتظر زيارتك لنا قريبا
السائقة المعذبة
ريهام

الأحد، ديسمبر 18، 2016

شقا عمري راح فين!



الحياة كانت ولازالت صعبة فشخ..

هي توقعاتي بتروح فين؟

بحاول ماصدقش إني بقيت خلاص ولية مجنونة مش قادرة تتبسط بأي حاجة ولا فاهمة ايه اللي بيحصل معاها.. بحاول أفهم بقى ان توقعاتي الهايلة لكل وأي حاجة بتيجي على نفوخي لأن الواقع مختلف جدا.. مثال مثلا.. النهاردة قررت أودي مارية الحضانة واخد يوم بريك لنفسي أعمل حاجات كتير.. أدخل سينما واروح جنينة انام ع النجيلة واسمع مزيكا واكمل قراية الرواية اليتيمة اللي بدأتها من شهرين واتمشى واشم الهوا واقعد في كافيه مطل إطلالة رائعة واكتب وبعدين اروح اخد مارية وانا كلي وله وشوق وحنان وإيمان..

اللي حصل ان الصبح كان ورايا شغل فقعدت اشتغل وانا بدعي وبتضرع ان مارية ماتصحاش بس هي صحيت طبعا.. وفضلت تزن تزن وتنط ع اللاب توب عشان تشتغل هي كمان والموضوع اخد وقت وخلص ع الساعة 12 وانا اصلا كنت مخططة اروح حفله 12 ونص عشان يبقى عندي وقت اكمل الخطط.. قلت مش مهم.. نزلت عشان اوديها ملاقيتش ركنة وقعدت الف الف وفي الاخر ركنت بعيد ومشيت بيها في الشمس وانا بفكر ان ازاي الإنسان ممكن يتفشخ حتى أثناء محاولاته إنه يريح! هاو آيرونيك يعني

وبعدين افتكرت اني لازم اجيب ورقة من البنك! أحيه علينا وعلى سنينا السودا.. طيب اخد العربية ولا هتوه ومش هلاقي ركنة كالعادة؟ سبت العربية وخدت تاكسي ورحت جبت الورقة ورجعت للعربية.. كل دة وانا لابسة هاي كول كحلي بيمتص شمس الإمارات كلها ويخزنها في قفايا على أساس ان الجو كان برد بس هو قرر يحرر عشان خاطر أمي

بس بقى رجعت العربية.. الساعة بقت 2.. قعدت ادور ع النت الفيلم اللي عايزة اخشه بيبتدي فين قريب عشان انا هرجع اخد مارية الساعة 6 أصلا.. لقيته في مول قريب ووقفت في الزحمة حبة حلوين.. وحاليا مستنية الفيلم يبدأ في كرسي بيطل ع السلم بتاع المول وبشرب لاتيه خايفة مايرضوش يدخلوني بيه.. ولما يخلص الفيلم اليوم هيكون خلص!

قيس بقى يا عم على كدة كل حاجة.. كل حاجة بمعنى الكلمة.. أنا مش عارفة المفروض ابطل أحلم ولا أخطط للأحلام أحسن من كدة.. بس الكارثة الحقيقية إني بخطط وبقع على جدور رقبتي بردو والخنقة بتبقى مضاعفة!

هي الشنطة فين؟

نسيت أقول أفشخ مرحلة في اليوم.. وهي اني مكونتش لاقية شنطتي.. شنطة جينز باك باك طالع منها حاجات من كل النواحي هتختفي تروح فين يعني؟ قعدت أدور عليها باستهتار والعب مع مارية ونشوفها تحت الكنبة وفوق التلاجة.. وبعدين ابتديت اتخض وعينيا تدمع.. الشنطة مش موجودة فعلا.. ودي فيها محفظتي ومفتاح العربية اللي متأجرة وانا والمصحف ما معايا مليم أدفع غرامة ضياع المفتاح! دة غير البطايق.. والفلوس.. معيش أي فلوس برة المحفظة..
ابتديت اكلم نفسي بصوت عالي وتقريبا زعقت فجأة وقلت "يارب كفاية مصايب بقى والنبي!" فمارية اتخضت وحسبتني بزعقلها وقعدت تعيط..فقعدت اسكت فيها وهي بتسألني هنروح باي باي ولا لأ.. وأنا بحاول اشرحلها ان احنا مش هنروح باي باي عشان ماما كدة راحت في داهية

هي العربية راحت فين؟

مش عاوزة أقولكو بقى ان امبارح واجهت نفس الرعب بنفس التفاصيل تقريبا بس شنطتي كانت معايا بس مش لاقية العربية!

كنت راكنة في حتة رمل كدة في وسط عربيات كتير ومفيش علامات مميزة غير ان قصاد الركنة مسجد وشكرا.. وديت مارية تلعب وانا شربت نفس اللاتيه البائس اللي بدور على ستارباكس في أي خروجة عشان اجيبه زي المدمنين بالظبط.. وشمينا الهوا وضحكنا وصرفنا آخر قرشين معانا وقلنا يلا نروح بقى

رجعت للمكان اللي كنت راكنة فيه لقيته اتزحم أوي ومش قادرة أحدد عربيتي فين.. كنت متخيلة إنه تاني صف من الرصيف وأخدته تفتيش رايح جاي ملاقيتش حاجة.. لقيت مكان فاضي قصاده عربية بيضا.. وانا لما كنت بركن كان قصادي عربية بيضا.. يكونش هو دة المكان؟؟

ابتديت اتخض وانا أصلا شايلة مارية والخضة أثناء الشيل بتبقى وحشة فشخ.. حاولت أستهدى بالله واقول لنفسي بلاش هبل.. محدش عربيته بتتسرق هنا.. هنا فيه أمن.. وبعدين قعدت أفكر فجأة في كل الحاجات الغريبة اللي بتحصلي ومابتحصلش لحد تاني طول الوقت واقتنعت تماما إن أي نوادر ممكن تبقى من نصيبي بدون أدنى شك يعني.. وابتدت عينيا تدمع

العربية اتسرقت؟
طب دي متأجرة.. ولسة عاملة حادثة بواحدة شبهها وبكافح عشان أسد الغرامات.. معقولة بجد النحس يعني؟ طب أطلع المفتاح فوق في الهوا وادوس على زرار فتح الباب يمكن الاقي عربية بتنور زي الأفلام فاكتشف مكانها واضحك ضحكة ذات مغزى ودمتم؟ وجهت الريموت ناحية السما وقعدت أدوس أدوس في كل الجهات ومفيش أي حاجة نورت

مش ههري كتير عن تفاصيل العذاب لمدة ساعة ونص تقريبا ومش عارفة لقيت العربية ازاي بس أنا لفيت على العربيات واحدة واحدة فعلا لحد ما لقيتها.. ودة كان جزاتي إني حبيت أعمل نفسي شاطرة وافسح مارية

شقا عمري راح فين؟


أنا بقيت ولية كثيرة الولولة شقيانة بمعنى الكلمة وعايزة تقعد تندب طول الوقت وتقول "يا ميلة بختك يا ميار" وهي مربعة تربيعة عبلة كامل وقامطة شعرها
بنزل من فجر ربنا كل يوم وبرجع بالليل.. بسوق كتير لدرجة بتخليني ألخبط بين البنزين والفرامل لوهلة ما ويجيلي بانيك أتاك عشان لو عملت دة في لحظة قاتلة ممكن اموت نفسي أو أطربق العربية فوق نفوخي.. تركيزي بقى صفر ومش فاكرة أي حاجة وطول الوقت بتحط في مواقف مرعبة بسبب دة.. وبرغم إني فاضلي أتصلب على عامود نور عشان أبقى خلصت كورس المرمطة العالمي فمش هيا دي المشكلة

المشكلة ان نتيجة دة إيه؟ فشت فسسسستك بلولولؤ مفيش..

تمويت النفس والفشخ دة كله مش محقق أي حاجة في أيتها اتجاه.. لا في البيت عارفة أسد ولا في الشغل عارفة أسد ولا مع مارية عارفة أسد ولا حتى الاقساط عارفة أسد.. لا عارفة أكتب ولا عارفة أنسى الكتابة واكبر دماغي.. لا عارفة أستمتع باللي انا فيه ولا عارفة أغيره.. لا عارفة أعمل حياة اجتماعية ولا نجاحي العائلي والمهني فشيخ أوي عشان أكبر دماغي من الحياة الاجتماعية.. مش عارفة أعمل أبسط فعل إنساني يدل على إني لسة "حيوان اجتماعي".. أرفع سماعة التليفون وأطلب أي نمرة بس عشان أكلم صاحب النمرة دي.. مما يجعلني حيوان بس.. وبصراحة أنا شايفة إن الحيوان حنين وبيعرف يعمل عيلة وبيعرف يدير حياته كويس ودة حاليا ماينطبقش عليا.. فأنا مش عارفة حاليا أنا إيه

شقا عمري راح فين؟ أنا بنت مين يا دادااااااه