الجمعة، نوفمبر 10، 2017

خمسة بالعدد..

أعتقد أن الحياة أبسط بالفعل من كل المحاولات المضنية عشان نلاقي نفسنا، أو نفكرحتى في فكرة الضياع في حد ذاتها.. لولا الهرمونات ربنا يقصف عمرها.. لكنت نجحت في المحافظة على السعادة، على الرغبة في فعل الأشياء.. على الشعور بجدوى أي شيء.. أو الشعور بأهميتي في هذا العالم كريهام يعني، لا أتذكر بالضبط أين قرأت الجملة التي تقول فيها امرأة تشبهني أنها لا تفهم لماذا توجد نساء لا تكافح مع هرموناتها طوال عمرها وأخريات يُطهين ببطء.. والله يا بنتي منا عارفة إيه المرار الطافح دة، لكن نتاجه أنني كبني آدمة يمكنني أن أجزم بأنني أعيش أسبوع سعيد في الشهر.. يعني 12 أسبوع في السنة.. باستخدام مهاراتي الحاسوبية الخارقة يمكنني أن أجزم أنني -منذ البلوغ- حتى الآن، عشت 1512 يوم كشخص طبيعي، يكافح مع قرف الحياة فحسب، وليس مع لخبطة خرافية متنوعة غير مفهومة وغير مؤقتة بين الشعور بقبضة القلب، الغضب، الرغبة في البكاء والكفاح للسيطرة على هواجس ومخاوف ليس لها أي مبرر

ولكن مثلا، في إطار تلك الأيام.. هناك مشاهد لا يمكن أن تُنسى، مثل 10 دقايق كدة كنت بدأت فيهم طبخ الغداء، ومارية قررت أنها تود الجلوس معي في المطبخ.. فذهبت لتحضر كرسيها الصغير وعدلته وقعدت متنحة.. سألتها إن كانت تريد إحضار كتاب من كتبها، فقفزت من الكرسي كمن وجد حل معضلة حسابية كانت مغلباه.. اختارت كتاب من كتب تعليم العد وجلست على الكرسي وبدأت تحكي وترد على نفسها.. وتسأل عن ألوان الأشياء التي تقوم بعدها ثم ترد ثم تمدح إجاباتها الصحيحة.. كنت أقف بين رائحة شبت طازج نادراً ما أتحصل عليه وبين صوتها الاحتفالي الصغير وأشعر بارتياح.. هناك شيء جيد يحدث في المحيط المربع الذي أقف فيه الآن، شيء صحيح قمت به أو أقوم به، وعلي أن أستمر في القيام به..

وبعد عشرات المرات التي اضطررت فيها للتسلل من وراء مارية وسماع صوتها بعد أن أغلق الباب تنده علي بخيبة أمل بعد أن اكتشفت أنني تركتها وذهبت لمكان ما دونها، نجحت في تلك المرة أن أمهد لها أنني سأغادر دونها قليلاً.. بدأت رحلة الإقناع في طريق العودة من الحضانة، بأنه عندي درس مثل دروسها التي تأخذها في حضانتها، ومثلما دروسها مخصصة للصغار ولا يمكن للأمهات أن تحضرها.. فهذا الدرس مخصص للأمهات ولا يمكن للصغيرات أن تحضره.. لم تبدو مقتنعة لكنها طلبت أن آخذها للسوبرماركت بنفسي ولا أدع هذه المهمة للمربية التي ستجالسها حتى ميعاد عودتي.. فوافقت، واتفقنا أنا سنتقاسم حلوياتنا الصغيرة في طبق كبير وننتظر أن تأتي المربية وحينها سأذهب ولن أتأخر.. ومثلما قمت بطرفي من الاتفاق، قامت هي الأخرى بطرفها على أكمل وجه، ولأول مرة أحصل على قبلة جميلة و"باي باي ماما" قبل أن أغادر.. وبدل مامشي زي الحرامية من غير مالبس الجزمة عشان ماتعملش صوت وألبسها ع السلم، لبست الجزمة زي البني آدمين ونزلت عادي

أتسلل لأذهب لدروس الرياضة، كعادتي التي لا يمكنني التخلص منها.. أبدي اهتمامًا بشيء ما كل مدة ثم أتركه وأبدي اهتمامًا بغيره وهكذا.. أعتقد أن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي لازمني من أيام إعدادية حتى الآن.. كل شيء آخر أخذ وقته وانتهى، أو يظل يتردد علي ويرحل ثم يأتي مجددًا.. "زي تعلم الفرنساوي مثلا"

أما عن الرياضة فقد مشيت في مرة لمسافة طويلة جدا ورجعت بالعجلة.. كان يومًا لطيفًا.. درس الزومبا لم يكن موفقًا أبدًا.. لم تكن المدربة تكرر الحركة حتى مرتين عشان الحق أعملها معاها، كنت أشعر أن كل ما تحلم به هو أن تكون راقصة محترفة -كان زمانها بتتدرب في كواليس فيديو كليب دلوقتي- لكن ذلك لم يحدث، وهي تلعن الأيام اللي رمتها على الرقص أمام شوية ستات بتحاول تقتل الوقت.. درس آخر اسمه بادي فايف كان مليئًا بالطاقة ومدربته ملهمة.. لكنني أشعر بتكسير شديد في العضم والعضلات من ساعتها.. كل ما أردته من ممارسة الرياضة أن أستيقظ في يوم من الأيام وأشعر بأنني بخير.. بدون أي آلام وهددان وتكسير ورغبة في استكمال النوم للأبد، أريد أن أتوقف عن الإحساس بأن جسدي عجوز.. ولكنني وقعت في فخ من التكسير والهددان المضاعف، أعتقد أنها مسألة وقت.. وأنا كما قلت سابقًا نفسي قصير.. 

أنفق قدراً غريبًا من المصاريف على الشمع المعطر، أصبحت مدمنة لفكرة البيت النظيف المعطر الذي ينتظرني.. ولكن في أحيان كثيرة أشعر أن البيت غير مرحب بي على الإطلاق ومش طايقني هو راخر وخدي شمعك وهبلك ويلا من هنا.. رغم أن البيت نظيف والشمعة موقدة إلا أنني لا أشم رائحتها ولا أشعر بفرق.. وفي أيام أخرى، أشعر أن البيت كان ينتظر نوم الجميع بلهفة كي يختلي بي.. فتنتشر رائحة الشمعة في الأجواء كأن هناك من يحملها ويلف بها.. وتبدو الإضاءة مظبوطة مخصوص.. الملاءات باردة برغم أن التكييف مش مفتوح، تستقبل جسدي المنهك المفرهد بقلب كبير.. فأشعر بأنني قمت بشيء جيد أستحق عليه هذا الاحتفاء بالتأكيد

لدي إجازة قادمة لا أعرف ماذا سأفعل فيها بعد.. في لحظة جنان أرسلت رسالة لشركة سفريات أسأل عن رحلة لأستراليا! الشركة مجتهدة ردت علي في خلال ساعتين بالتفاصيل كلها والتي تبدو قابلة للتحقيق.. أضحك في سري وأحمد لله أن حلم كهذا أصبح ممكنًا، أن أفكر في السفر للحتة الفلانية، فأحمل حقائبي، وماريتي الصغيرة وأنطلق.. أنني لم أقع في فخ "المسافر الأبدي" الذي قرأته منذ عدة سنوات في كتاب لعلاء الديب.. تلك القصة التي أسرتني وأصبحت إحدى هواجسي، اليوم يمكنني أن أجزم أنني بعون الله يعني لن أورث لمارية خريطة كبيرة وحسرة ومرارة في الحلق.. يمكنني أن أورثها روح شجاعة وذكريات.. أكوام من الذكريات لنا معًا ونحن نستكشف العالم

كل ما كنت أفكر فيه قبل أن أكتب هذه التدوينة أن كفة اللحظات الرائعة التي أشعر فيها بأنه عليه أن أبقى حية في مقابل كفة اللحظات التي أشعر فيها بأطنان من الفشل والخذلان.. مفيش مقارنة يعني! لا يمكن للكفة الأولى أن تكسب أبدًا، الثانية تطب دائمًا، وبعنف

لكنني أستطيع أن أعد خمسة بالعدد من كل شيء له أهمية بالنسبة لي.. وتلك الخمسات قادرة على أن تبقيني حية 

يمكنني أن أسمي 5 أشخاص لا يزالون يعتبرونني كاتبة ويقرأون لي.. 5 مرات كنت فيها أم جيدة لمارية، 5 أحلام حققتها بالفعل.. 5 أصدقاء لا يمكنني أن أقول أنني حافظت عليهم، لكن قوى خارقة خلتهم باقيين عليا.. 5 أشياء تجعلني أبتسم لما بفكر في حجازي.. 5 إنجازات شخصية؟ امممم الصراحة مش قادرة أجزم بدة.. وحتى لما بعدهم بحس إن آخر واحد فيهم كان من سنين.. يمكن دة بيوقعني في اوقات كتير.. بس عندي أمل أزود عليهم تاني

بس عمومًا، رقم 5 مش قليل.. وكل هذه الخمسات تستطيع أن تقف متراصة لتصنع عكازًا صغيرًا للسيقان المرتعشة في الأيام السودا.. وممكن نستخدمهم للتخميس في وش البشر بردو، وحاجة ضد المية ضد الفار خالص يعني <3 font="">