الثلاثاء، يونيو 29، 2010

هذا ما أفهمــه !




لا أفهم ما يدور في بالي بالضبط ..

يمكنني أن أتحدث عن أطباق من الفراولة .. و عن حضن قديم ،، و آيس كريم "سلطانة" ،

آيس كريم " سلطانة " مثلا ،، و للتحديد فرع الكوربة .. قسم الشيكولاتة هناك كبير و مبهر ،، لم نفهم الفروق فيه بالضبط .. أكوام من آيس كريم الشيكولاتة تبدو شهية جدا .. يفرقها أكثر من وعاء و اختلاف بسيط في اللون .. و مسميات لا تعني لنا أي شيء : شيكولاتة سويسرية – شيكولاتة سادة – شيكولاتة براونيز ... و مسميات أخرى لا أذكرها الآن .. كل ما أذكره أننا اضطررنا لسؤال البائع عن أحلاها لأننا لا نفهم و كنا نتهامس أمامها بشكل مضحك.. و أنه حين أكل منها لوث فمه كالصغار ، و كنت أنا أرتدي فستان ليموني مليء بالورود .. و ضحكت كثيرا برغم خوفي من الفراق ،، الطقس كان مغربيا ،، و النسائم كانت رائعة ...

عن أطباق الفراولة لا أذكر الكثير ،، ربما على الفراولة بعض الكريمة وهي مقطعة بشكل مغر ... الأطباق بورسلين ناصعة ،، أو ربما خشبية ..و أنا أفكر أن مياه الفراولة ستترك بقعا في الخشب لا تزول .. وأستمر في غرفها و لا أهتم ،، أبتسم فقط و أنا أتخيل بهجة الصغار .. الكثير من الصغار يركضون حولي من أجل أطباق الفراولة و يطبعون على خدي قبلات رطبة ممتعة .. أحدهم قبلني في عيني رغبة في إيصال قدر أكبر من الامتنان .. و أنا كنت أبالغ في الشعور بالسعادة ..

ربما هذا لم يحدث ،، كان حلم يقظة ... " أنا .. شخص محبوب من الصغار ،، محبوب بقوة " هذه هي الصورة التي أتمناها لنفسي بشدة .. أم رائعة و خالة ينتظرون زيارتها بشغف ،، حكاءة لحواديت مبهرة تمارس أمومة من نوع يخصها ...

هو يحب الفراولة البلدي ،، و كل ما فيها يذكرني به .. هي احتضنتني الحضن القديم الذي أذكره جيدا يوم أن كتبت عن كم الفراولة الذي زارنا به عمي .. و سألتني بمرح عما فعلناه بكل هذه الثمار المفرحة .. حدثتها أنا عن " الحوسة " برغم بهجة الأحمر .. و أوصتني هي بأن أخبرها إذا توافرت أي فراولة في البيت " و إنها ساعتها هتقوم باللازم .. "

لا أفهم ما علاقة الفراولة بسلطانة ، و ما علاقة الشيكولاتة بالفراق ... و لماذا هذا الحضن بالذات يحمل لي من القديم كل هذا الشجن لأتذكره بقوة ..

كل ما أفهمه أنني أرغب بشدة في دفتر "كانسون" و قلم حبر دقيق ،، أخط به خطوط كثيرة تركض خلف بعضها، متقاطعة بلا معنى ..

و أنني أرغب في التهام كمية كبيرة من الآيس كريم !

الجمعة، يونيو 25، 2010

للمرء .. نصيــب

علاقتي بالأحداث الجارية ،، سيئة جدا ! ...
و ساعات كتير بلوم نفسي إني عايشة في دنيا غير الدنيا كدة ،، و ساعات بقولها دة حتى الدنيا اللي غير الدنيا دي صعبة عليكي و بتاخدي نفسك فيها بالعافية ! أومال لو فضلتي تتصبحتي بأخبار الموت و تتمسيتي بالاحتيال و الكدب .. هتعملي ايه ؟

مش عارفة !


كل اللي أنا عارفاه إني كنت بشتري الجرايد كل يوم و بدفع حقها من مصروفي .. لحد ما في يوم جمعة كان في مجزرة في فلسطين .. و الخبر كان مكتوب في أهرام الجمعة في تلت صفحة و بقية الجرنان أخبار فنية و أدب ..

يوميها قررت إني مش هقرا جرايد تاني ..

بس عارف يا خالد ؟

أنا كنت مراقباك من بعيد .. و بحاول أستوعب تفاصيل قصتك اللي مهما الناس حاولت توصفها ،، هفضل متأكدة إنها مش محسوسة كفاية بالنسبة لواحدة أقصى علاقة ليها بالألم الجسدي .. كانت شوية إبر في رقبتها عشان المحاليل .. شوية وجع في القلب ،، شوية صداع ! .. مهما وصفوا .. محدش " مرفه " زيي هيحس باللي انت حسيت بيه أو هيقدر يستوعب بجد ...

بس أنا مش خايفة عليك ... و لا على حقك ،، هيرجع في الدنيا قبل الآخرة .. أنا واثقة من دة .. و انت اللي كسبت كتير ..

انت و انت عايش كان ممكن تتخيل إنك تكون سبب في إن كل الناس دي يبقى لها لازمة ؟؟

الـ 80 مليون و أكتر.. اللى أنا معاهم ،، و اللي على كترتهم دي كتير مبيبقالهومش أي لازمة .. بقالهم في لحظة هدف ، إنهم يقفوا جنبك و لو بكلمة .. أو على الأقل وسيلة ،، إنهم يدعولك ..


كانوا بيقولو " للمرء نصيب من اسمه " ..

مكنش اسمك " خـــالد " .. من غير سبب ..

ربنا يكرمك بفرح على قد كل لحظة اتألمتها .. و أنا واثقة دلوقتي إنك " في ما لا رأت عين ،، و لا سمعت أذن " ..

ادعيلنا بس نبقى معــاك ..


الأحد، يونيو 20، 2010

نقـــاهة .. " 3 -3 "




3- هيـــلا هـــــوب :



أجـــري !

كنت مستنية إني أتأكد إني رجعت أنا لما ألاقيني بعرف أجري .. أجري من غير ماحس بأكياس رمل مربوطة بفيونكة بيضا في كعوبي ،، هو صحيح الرمل بيفكرني بالبحر اللي واحشني .. و الفيونكات البيضا رااائعة ،، بس أنا نفسي أجري !

أجري على طريقتي الخاصة و هي ببساطة شديدة شوية تنطيط على طراطيف الصوابع ... مبحبش أجري و كعب رجلي على الأرض أبدا ،، الجري بالطريقة دي بيفقد ميزة احتمالية الطيران ،، اللي هيا طبعا أحلى حاجة في الجري ..

طول عمري بتبسط جدا بفكرة إني خفيفة ،، بعرف أتسلق كدة و أطلع و أنزل بسهولة من على الحاجات ،، أقعد مربعة على الكرسي الهزاز و يفضل هزاز :) ،، أجري بسرعة و خفة ،، عشان كدة موضوع الجري دة كان مأثر في نفساويتي بصراحة ،، أول مرة تليفوني رن و هو بعيد شوية و معرفتش أتنطط على طراطيف صوابعي عشان ألحقه .. في حاجة جوايا اتاخدت كدة ! و استخبت في ركنة بعيدة عن القلب و الرئة و كل الحاجات اللي تعبت دي أحسن تتعبها زيادة ،، و عيطت شوية .. الحاااجة اللى جوايا هيا اللي عيطت هـه ؟ مش أنا طبعا .. و قعدت أقول لنفسي بقى بلاش افترااا احنا كنا عارفين نقوم أصلا ؟؟ ،، و الإنسان نمرود و بتاع ... و مسكت نفسي بهدلتها حبة كتيرة كدة :)

بعديها بمدة كانت أول مرة أعدي الشارع لوحدي تقريبا ،، و أبقى محتاجة أمد شوية أحسن العربية المستعجلة اللي وراها الدنيا كلها و أنا بس اللي قدامها ،، تاكــلني مم .. حاولت أجري نص جرياية كدة ،، كعب رجلي كان ع الأرض تمام .. و كنت بنهج و لا كئني طالعة من الماراثون ! ،، و برغم كدة كنت حاسة بالإنجاز و اتبسطت شوية صغننين ..

النهاردة جريت مسافة لا تقل عن بتاع 15 -20 بلاطاية كدة في بيتنا عشان ألحق أرد على بابا في التليفون ... كان واحشني الطيـــرااان .. واحشني فعلا


...
تصدقو إني بقالي كتير أوي بكتب عن العيــا ؟؟

التجربة كانت تستحق مني فعلا كل التدوين دة .. بفكر كتير إني هيجيلي يوم و أقرا التدوينات دي و أقعد أحمد ربنا كتيــــر إني بخير ،، بحمده من دلوقتي و الله ... أما الصحة دي طلعت حتة نعمة !! حاجة كدة و لا غلاوة أول مطرة بتنزل أول ماييجي الشتــا ..




شهر كامل عـــدى ،، ممكن في نهايته عشان أحاول أوصفه .. أتسحّب بشويش كدة على قصيدة بحبها لـ " منذر مصري " و أنقل كام بيت منها قادرين يوصفوا أحسن مني :


..



" ظــلٌ على عيـْـنيـْن ،، ليستــا لأحد


...


صفير مركبٍ يبحر


نظرة بحــَار ..


زيارة نــورسٍ


لمنـــارة ..."

:)

الخميس، يونيو 10، 2010

نقـــاهة .. " 2 -3 "




2- إنجازات صغيرة ،، مفرحة بحق :



أسبوع مر ،،



الأيام تمضي كالهواء ..شهقة تليها زفرة تليها شهقة .... إلى ما لا نهاية ،، لا يمكن الجزم تماما من تخص هذه الأنفاس ... هل هو طفل راكض في خضار باتساع براءته ،، عجوز يسير بتأنٍ إلى مقعد حديقته الأثير الذي يجالسه منذ ثلاثين عاما مثلا .. أم أنها مجرد زفرات على شفتي مريض ،، ينتظر مضي فترة من النقاهة ..

لم أوفق كثيرا في الوقوف هادئة كما تمنيت ،، أتعبتني الوقفة قليلا ووجدتني على الفراش من جديد ... حسنا هذه المرة على فراشي و بجانب دميتي الناعمة الكبيرة و كافة كتبي .. و لكن الأمر محبط قليلا ،، عدت من حيث أتيت في مسافة أيام .. " ضغطي " مشاغب و يصر على الاختباء من الأجهزة في بقعة ما لا أعلمها ،، فيبدو منخفضا جدا... يهرب و يترك لي من جديد إنهاك الأيام الأولى ،، و تلاحق الأنفاس لأقل مجهود .. فلا أقدر على " نكش " شعري و رفعه للأعلى كما أحب ،، أعقده عقدة صغيرة للأسفل و أوفر طاقتي من أجل رحلة قصيرة إلى الشرفة الواسعة المطلة على الشارع و السماء .. و حديقة المدينة الجامعة لـ" كلية البنات " ،، حيث تبدو الفتيات من الأعلى كائنات صغيرة ملونة بلون ملابسهن .. يمضين أغلب الوقت في هذه الفترة في الحديقة من أجل المذاكرة .. أستمتع بمراقبتهن كثيرا بمصاحبة " دايدو " مثلا أو " رضوان نصري " و " خالد مزنار " ،، و كتاب ما ... أجلس هادئة إذن بدل أن أقف ،، حيث يبدو لي أن نقاهتي عزيزة الروح و تأبى الفراق !

هكذا ظننت بالفعل ..

و لكن الله أكثر سخاءا من إحباطاتي الصغيرة و عقلي الطفل .. ثلاثة أيام مرت كما مرت ثم وجدتني في حال أفضل .. لا أضطر للنوم المتواصل كي أشعر أني بخير ،، أغادر السرير و الشرفة و البيت ،، أسير لمسافات معقولة دون إنهاك .. أعود للبيت فرحة " و أنكش " شعري دون أن تتلاحق أنفاسي فأكاد لا أتوقف عن الضحك ..

في اليوم التالي نزلت على السلم مسرعة دون أن أشعر .. توقفت منبهرة بالأمر و فرحت كثيرا ،، أخذت أداعب مرافقتي و أقول : " شايفة الحركة دي ؟؟ " و أعيد نزول السلم مسرعة مدعية بأني سندريلا مثلا ممسكة بطرف ردائي و أقول " دي حركة جامدة جدا على فكرة " ، و أضحك و تضحك ... صدقوني الأمر مفرح بالفعل ..

اليوم حصلت على ابتسامة كبيرة من طبيبي الطيب فرحة بالتحسن الملحوظ ، و تقلصت " الروشتة " المزدحمة بمقدار دواء و نصف ... سأضطر لأن أشتاق لابتسامته الواسعة مدة ليست بقصيرة ... يقول بأني لا أحتاج لرؤيته الآن ..

أنا بخير ،، و ممتنة للـه كثيرا ... و لكافة تفاصيل كونه الصغيرة التي أًدركت قيمتها أكثر و صارت تفرحني بمقدار أكبر من مجرد ابتسامة عابرة ،، أتذكر حلما هادئا حلمت به في أول ليلة لي في سريري بعد عودتي ... كنت أرتدي ملابس تفرحني لا أذكرها بالضبط .. يمسك بكفي واحد من أحب مخلوقات الله لقلبي و يساعدني على صعود سلم ما ،، و لا يعلوني سقف ...




أنتظر الآن شيـــئا واحدا فقط
..



يُتبــــع .. :)

الخميس، يونيو 03، 2010

نقـــاهة .. " 1 -3 "






1- من الذاكــــرة :


هذه الفترة .. " فترة نقاهة " ،، هكذا يسمونها و لم أكن أفهم السبب

أبحث في عقلي عن مصدر للكلمة .. نقاهة ... نقاء و متاهة !،، نقلة و هلع .. نقص و هروب .... أشياء كثيرة تخطر في بالي من هذا القبيل إلى أن أدركت أنها تبدو في أفضل حالاتها حين " نقف هادئين " .. فقط نقف لنراقب مضي الوقت على مَهَل ،، و كيف أن الصدر يعلو و يهبط بأنفاس جديدة ...

أن نقف ،، النقاهة أن نقف قليلا نرقب بهدوء ...

أرقب التفاصيل الصغيرة للكثير من مجريات الأحداث بابتسام ،، التفاصيل حلوة برغم أن الحالة تبدو مأساوية قليلا .. أشعر بأنني محظوظة ،، شرخ صغير في فيلم الذاكرة يصيب نسيجها الذي يلف عقلي باقتدار ،، شرخ يصيب مقاطع محددة في النسيج كلما هبت على عالمي إحدى الأحداث العجاف !

ذاكرتي طيبة إلى حد كبير ،، و لا تمارس تجاهي سادية الأسر خلف المآسي ،، تصيب نفسها بهذه الشروخ الصغيرة عمدا فلا أستعيد سوى التفاصيل المفرحة التي أغرق فيها بحرفية و يغرقني فيها الطيبون من حولي.. لأغتسل بمائها سريعا من أدران ما حدث و ما لم يحدث .. و لا أعود أذكر سواها ،، التفاصيل المفرحة .. و يصبح تذكر المآسي اختياريا ،، يمكنني استعادتها سردا فقط و لا أشعر بذات الألم / ذات الفقد .. تهيمن حلاوة التفاصيل الجديدة عليّ ...

الآن مثلا ،، كرات رطبة ملونة تنزلق على كل بقعة في جسدي كلما تذكرت أسراب الفراشات التي كانت تهب على غرفتي في المشفى كل يوم ،، بأدعية من القلب و وجوه تجاهد من أجل الابتسام ،،يرق لها قلبي كثيرا ...

سلال الورود الوردية و البيضاء و الباقة الحمراء التي سربت لغرفتي سراً ،، بيسكت جونيور جونيور :) الذي اختبأ معي خلف الملاءة ،، النصوص الكثيرة التي كتبت في ّ ،، كانت تقفز بقلبي بعيدا عن كل هذا إلى النيل القريب ،، تقبل ماءه و تعود ... مكالمات الهاتف الكثيرة ممن أعرف و ممن لا أعرف ،، الرسائل ،، الفرحة الكبيرة بمفارقتي السرير الأبيض الذي لم أودعه بحرارة كبيرة ... فقط وقفة استمرت لثوانٍ و نظرة مطولة ،، ابتسامة ألقيتها في جيب كل فرد من رفقتي التي دامت لأسبوع : القماشة الزرقاء التي كانت تضغط ذراعي بقوة من أجل القياس الدوري للضغط ،، جهاز التنفس الأشبه بقبعة قش صغيرة للفم ،، " المونيتور " الذي كان طفلي كثير الصراخ ،، و الأسلاك الكثيرة الكثيـــرة التي حفظت كيف أزيلها و أعيدها مكانها فيّ في آخر يومين .. حتى صرنا أصدقاء ...

ابتسامة في جيب قميص كل منهم ... و رحلت

أذكر كل هذا و لا أقف عاجزة أمام ذكرى المرض ذاته أو أي من التفاصيل السخيفة التي حدثت بالداخل .. أحفظها جميعا في نوتة زرقاء لها رائحة البحر و روح الرمل البارد الذي أعشق ،، تغوص به كفي تماما كلما حاولت المساس ،، فأنشغل بانسياب الرمال و هذه البرودة الرائقة .. و لا أعود أذكر الكثير

و .....

يُتبـــع .. :)