انتصر فريد زين لكل المتورطين عندما هرب بأكثر الطرق صبيانية وبأكثر الوسائل طفولة وبهجة: البالونة!
طير بيته بالبلالين واستطاع أن يبعد عن كل المزعجين وكل الأخطاء، كل الاحتمالات وكل الفشل.. انتصر للذكرى وللوعود الطفولية القديمة، لحبه الأول.. المغامرة.. انتصر حتى على نفسه التي أصرت عليه أن يسلك طريق الحياة الآمنة ويكتفي بأن يحقق حلمًا واحدًا فقط.. ويستنفذ بقية العمر في محاولة إبقائه على قيد الحياة..
ربما يمكنني -بقليل من الجهد والحسابات الرياضية المعقدة- أن أفعل مثله.. أن أهرب، أو أساعد مشاكلي على الهرب.. ببالونة أو بمعلقة سكر سحرية تذيب كل أثر للمرارة.. بأشواك تحميني وتحمي بيتي وأحلامي من المتطفلين، تنمو على جلدي كقنفذ.. أو مراوح تنبت في مناطق مختلفة من جسدي تخلصني من تأثير الحرارة المرضي علي، أو ربما تحولني إلى غواصة...
في كل المواقف، وأمام كل كل الأزمات...
فمثلاً..
أنا أستهلك من الميموري الضئيلة في هاتفي مساحة لا بأس بها لتحميل أبلكيشن (8fit) كي أمارس التمارين بانتظام، وبينما أشغل سلسلة تمارين المبتدئين أصدم من مدى افتقادي للمرونة وثقلي والدمار الشامل في ركبتيْ.. أضع الجهاز أمامي وأحاول أداء البوش أبس المطلوبة استناداً على ركبتي فأشعر بالألم، تكاد غضاريفي أن تنصهر بفعل ملامسة حرارة السجادة، أحاول أداء التمرين الآخر الذي يتطلب أن تنام على بطنك وتثني رقبتك وساقيك في اتجاهات عكسية على أمل أن تتحول إلى قارب يوما ما.. أنجح في عمل هذا التمرين.. ولكنني في كل مرة أعود فيها للوضع الطبيعي يتكاثر شعري حول وجهي فأغرق فيه.. أزيحه وأكمل وأشعر بالعبث، ربما لهذا أحاول أن أصبح قاربا، حتى أتوقف عن الغرق في شعري!
لا ينقص وزني جراماً واحداً
أنظمة الطعام تجعل الأيام باهتة، حساب الكالوريز مهمة تصعب على أمثالي ممكن يظنون أن الوقت المناسب لالتهام كرات اللحم بصوص الطماطم والزبدة هو الثانية صباحاً..
أحتاج فقط لبالونات تقاس بالنانو و المايكرو يا عم فريد زين.. أربطها في ترهلاتي وكرشي ثم أجلس في وضعية اليوجا بمنتصف الشقة وأراقبها تأخذ كل شيء وتطير.. ربما علي أن أستعين بمصور احترافي لتسجيل تلك اللحظة الخرافية التي ستبهج كل المتورطين في أوزانهم الثقيلة وحبهم للطعام.. دهون طائرة ببالونات ملونة صغيرة، والمفاجأة؟ حقنة ستأخذها في الوريد ستغير حياتك في التو واللحظة.. تمكنك من تحويل كل الطعام الرائع إلى مياه ما إن يدخل إلى جسدك.. حتى تصبح نحيلاً جداً، أو ربما برمائياً.
أما عن انقباضة القلب دون سبب مقنع، سنحتاج البلالين أيضاً في مهمة بسيطة للغاية.. رحلة طيران فردية مع (الآميمة) كما تسميها مارية.. لا أدري كيف خطر ببالها أن تنطق الحمامة، آميمة.. ولكن الطيران برفقة الآميمة يمكنه فعلا أن يغير حالة القلب، وإذا لم ينجح ذلك، بعملية زرع بلالين بسيطة يمكن دس الهواء داخل القفص الصدري.. في أكثر درجات الحرارة سوءا وأسوأ حالات اليوم توقعاً..
والأفكار.. الأفكار التي ترف فوق دماغي في المواصلات والمطبخ واجتماعات الأحد في العمل.. بضعة بلالين ذكية يمكنها أن تلتقطها جميعاً من رأسي وتذهب بها إلى مكانها المناسب في فايلات الوورد الخاصة بها، أو بقرب أباجورة سريرى في دفتر ملاحظاتي الأزرق.. وحتى لا تصبح دماغي خاوية بعد طيران كل الأفكار، سأحشو محلها الكثير من الهيليوم بمنفاخك السحري يا عم فريد زين.. حتى إذا أكلتني الوحشة في أية لحظة أخذت دماغي وطرت إلى حيث طارت أفكاري..
المشاكل كثيرة وللبلالين أهمية تفوق فيتامين دال.. ولكنني سأكتفي بهذه الطلبات الآن..
هلا ساعدتني أستاذ فريد زين؟ وأنا هساعدك تعدي أي حاجة وهاخد منك وسام مساعدة المسنين..
بس أرجوك.. حاول تعمل دة قبل مابقى أنا كمان مسنين، حيث أن الشعر الأبيض بدأ في مراحل الغزو المسلح..
في الانتظار، صديقتك المنكوشة: ميام بين قوسين ماما، ماما، ماما (بسرعة 5 ماما في الثانية).