الأحد، يونيو 10، 2012

في الشقة المحرضة على العشق..




منذ مدة أصبحنا من أصحاب الأطيان و الأعيان و بقى عندنا بيت جديد في مدينة جديدة ملحقة بـ  6 أكتوبر لا يعرفها أحد اسمها الفردوس.. و طبعا عشان أنا مش وش نعمة، أرفض أن أترك بيتنا البرجوازي لبيت آخر اكثر برجوازية لأن المنطقة هناك فارغة للغاية، لا يغريني اتساع غرفتي الجديدة.. في الحقيقة برغم إزعاج البشر الذي لا يختلف عليه اثنين إلا أنني أفضل وجودهم في الجوار، من الممتع أن أشاهدهم أحياناً من البلكون.. يبدون رقيقين من بعيد كما يقول وديع سعادة..

نجتمع بأختي و صغيرها الذي لا يتوقف عن ركل الهواء بقدميه كإنذار واضح للعالم أنه قادم و بقوة، و نذهب لنبيت هناك لليلة.. ندخل من الباب على استحياء و أبدأ في استكشاف المكان، أتذكر نصيحة فرانسيز مايز عند التعامل مع البيوت الجديدة.. أن تقدم نفسك للتعارف بهدوء و لا تخترق الصمت بصخب مبالغ حتى لا يباغتك البيت بغضبه.. اختر غرفة
 و اجعلها غرفتك و املأها بتفاصيلك.. مر مرور الكرام على خصوصية كل فراغ هادئ، و لا تزعج البيت حتى يقدم هو الآخر نفسه لك بسلاسة

وقد حدث، و قرر البيت الترحيب بي..

الوصول للمطبخ هنا - كعادة كل المنازل التي سكناها- يستغرق مسافة من المشي كنت أظنها مزعجة، و لكنه في هذا البيت يعني المرور في رواق طويل به إضاءة خافتة بثلاث أباليك لم تكن سوى واحدة منها فقط مضاءة..

بدأت أستوعب مساحة من الهواء في صدري و أنا أخطو للداخل، و أرتفع بذراعي  محاولة  لمس احدى وحدات الإضاءة التي تشع كقمر صغير .. أمر بأصابعي على الحائط و أفكر أن هذا الرواق يناسب ضمة فجائية بعد عودته من الخارج دون أن أسمع صوت الباب.. يناسب مصالحة طفولية بعد شجار عنيف وغميضة نلعبها لقتل الملل.. أشعر بأنفاسه و يدي فوق عينيه في طريقنا لمفاجئة لم يتم الاستعداد لها جيدا.. و صوتي عاليا أقف في وسط الرواق أناديه كي يأتي ليتناول مني الأطباق، سأصاب بكسلي المعهود أن أذهب لأناديه من الغرفة مخصوص.. و سأغتاط كثيراً لأنه  لن يرد..

أضحك في سري و أعد أكواب الشاي بلبن للجميع و أعود..

بعد نصف ساعة تقطع الكهرباء عن المنطقة كاملة، يتشاءم الجميع و أشعر ببهجة لأنني أعشق الظلام.. أخرج للروف الذي هو الجزء الأجمل من الشقة، و أنظر للمنازل التي تبدو كظلال متراقصة بعيدة.. القمر واضح في صورة ثلاثة أرباع رغيف شهي، و السماء صافية كما لم أرها من قبل.. أدقق بعد أن تهدأ عيني فأجد نجوم.. نجوم كثيرة متلاصقة و متباعدة و أحياناً متحركة! أجلس على كرسي و أظل أبحلق في النجوم مغمورة تماما بالدهشة، أفكر أنك لو كنت هنا لمارست معك هوايتي المعتادة في عدها، و متخافش مش هيطلعوا 8 زي مابعدهم كل مرة من شباك البيت التاني.. أراهنك هذه المرة أنهم سيزيدون عن الخمسين لو صبرنا و استكملنا العد.. سننكمش سويا هنا بجانب هذا العمود الصغير، و سننهمك في حصرهم و نضع خطة حتى لا نخطئ، وبعد أن ننتهي سأغني لك أغنية لا أعرفها الآن.. و سأقرصك من أذنك إذا ضحكت من نشاز صوتي..

سنكون أكبر بقليل.. ستأخذ كل الأشياء حجمها الحقيقي و ستكون لحظات الطفولة و البله تمائم للسعادة، لن أشعر معك بالنقص و السبب الوحيد الذي سيدفعني حينها للبكاء في المواصلات هو أنني أغضبتك

عزيزي الذي لن أجده غالباً قبل الأربعين: مستمتعة بالأمل في وجودك.. شكراً

و  لازم هجيبك يوم هنا..

6 التعليقات:

مدونة عرفة فاروق يقول...

على فكرة بعد الاربعين

الجو ده مش هيبقى رومنسى

استعجلى نفسك شوية

P A S H A يقول...

مشكلة البيوت الجديدة إنها مش بترضى تبقى نفس البيوت القديمة ، ما بيبقاش فيها من البيوت القديمة غيرنا احنا :)

Radwa Ashraf يقول...

البيت الجديد ممكن يبقى جنة جديدة أو عذاب أليم .. احلى حاجة انك تتصالحى معاه :)

جميلة أوى :)

غير معرف يقول...

يمكن مبتقريش التعليقات.

أو بتقريها ومبترديش.

لكن اهتميت أقولك إن التدوينة حلوة.

أفضل حاجة قريتهالك من مدة.

βent Pasha يقول...

كتير مننا بيبقى عنده حنين وانتماء للقديم ، ولا يريد التجديد بل ويرفضه بشدة .. والقليل من يحاول التأقلم مع الجديد

:-))
تحياتي لقلمك
تقبلي مروري

غير معرف يقول...

سنكون أكبر بقليل.. ستأخذ كل الأشياء حجمها الحقيقي و ستكون لحظات الطفولة و البله تمائم للسعادة، لن أشعر معك بالنقص و السبب الوحيد الذي سيدفعني حينها للبكاء في المواصلات هو أنني أغضبتك "

رائعة :)