الخميس، فبراير 07، 2013

سأصير يومًا فيلًا صغيرًا..



"صغار الفيلة ضعيفة لأنها تولد ولا يعمل سوى جزء بسيط من دماغها، في الوقت الحاضر تفتقر صغيرة الفيل هذه إلى جميع المهارات الحيوية التي تحتاج إليها للبقاء، ومن دون أمها قد لا يكتب لها البقاء بالفعل.. غير أن تأخر نموها العقلي لا يشكل عائقاً فهي تتحلى بميزة أفضل من بقية الأجناس الحيوانية وهي أن دماغها أكثر ليونة، تمنح هذه الميزة الفيل قدرة هائلة على التعلم، تتعلم الصغيرة كل ما عليها معرفته من أمها وأسرتها: طريقة الشرب وما يجب أكله وطريقة الأكل، بالإضافة إلى طريقة الاستحمام ونفض الغبار. عالمها كناية عن سلسلة دائمة من الاكتشافات الجديدة وبعض الدروس أصعب من غيرها، قد يكون اكتشاف طريقة السيطرة على الخرطوم أصعب التحديات لدى صغار الفيل، وتستغرق عامين كاملين لتكتسب المهارة في ذلك"

...
الساعة الآن الثانية و عشرة دقائق بالليل بتوقيت جرينيتش..

"  أنـ...ا  مـ..ابــ..نـ....امــ...ــش"
بقالي أكتر من أسبوع بنام 3- 4 ساعات في اليوم بالعافية، و بالتالي بقيت أول مابلاقي نفسي عايزة أنام بغمض عينيا فورا عشان أنتهز الفرصة.. النهاردة أول ماجيت من برة حسيت عينيا فيها نوم كدة.. اتدلقت ع السرير بشكل عمودي على اتجاه النوم الطبيعي و رجليا كانت مدلدلة برة.. كمشتهم و تكورت على نفسي و غمضت عينيا و نمت بهدومي و ماكنتش حتى قلعت الشنطة! فتحت عينيا لقيت الساعة 12 و نص ليلًا.. و بدأ ماتش دقات القلب المتسارعة الليلي اليومي  اللي مبيخلينيش أعرف أنام تاني، الماتش بدأ بدري النهاردة! معقولة هفضل صاحية لحد ماروح الشغل؟! ايه عذاب القرود دة ياربي؟؟! لما حكيت لرضوى قالتلي ان انا كدة بحب رسمي.. طب انا احب واتسوّح و كمان مانامش؟ يشنقوني و أسكتلهم؟؟! يا حول العالم، هو ايه أصله دة :(

المشكلة الحقيقية أنني أمتلك الحل، أنا لست مضطرة لأخبره كل شيء "أون سيراميك" حتى تنحل العقدة.. كل ما في الموضوع أنني سأصير فيلا صغيرا لم تكتمل وظائفه الدماغية بعد مما يجعله ذاهلًا أمام كل شيء و عاجز تمامًا عن الفهم.. فيل ضُحكي و لا يمتلك أكثر من خاصية الحلم، يعجز عن توجيه خرطومه فلا يتوقف قلبه الصغير عن الخبط و الرزع في الليل و لكنه سينام في النهاية.. لأنه فيل صغير، و الفيلة الصغيرة مش سهيرة أوي يعني.. وبرغم كل شيء فهو يعرف طريقة الشرب، وكيف يمكن للماء الدافئ في صورة شاي بلبن أن يملأ قفصا صدريًا على وشك النطق.. فيصمت صاحبه و يبتسم و خلاص.. يعرف طريقة الأكل وما يجب أكله، فلا يأكل كلامًا يجب أن يقال، الفيل الصغير لن يصاب بوجع خزعبلي و هو يفكر في احتمالات رد الفعل.. لن يستقر في نفسه انه اساسا خربها كدة و المفروض يستخبى.. الأفيال الصغيرة لا تختبئ لأن دماغها أكثر ليونة و يمكن تشكيلها في صورة هياكل مضحكة.. مما سيشغلها تماما عن التعقيد إذا حاولت التفكير في كل هذا الهسس.. متهيألي الفيلة الصغيرة لو حبت فيل صغير هتروح تبوسه بخرطومها و شكرا على كدة!

المهم انه حالة عدم النوم بيصاحبها حالات نفسية متعددة بقى.. بحس طول الوقت ان شكلي مرهق أوي، السواد تحت عنيا بيبقى على وشك يوصل لبؤي الحمد لله..فيتأصل في داخلي ان شكلي مش حلو فيزداد الإحباط وياكل دماغي.. يزيد معدل الأحضان اللي محتاجاها في اليوم لـ 6-7 كدة، و دكة المسكينة هيا اللي بتستحمل :D و لما احضنها و الحضن يطول بزيادة تقعد تفلفص و لسان حالها بيقول " ماتبعدوا الولية دي عني بقى!".. بس في الحقيقة بتعمل معايا واجب أحيانا.. و تيجي تنام قدام وشي بالظبط و تفضل تبصلي لحد ماتروح في النوم.. وانا ممكن اتقل عليها بقى و ادفن وشي في فروتها و اعملها مخدة.. هيا في الحقيقة مبتعترضش.. دكة هيا الكائن الوحيد اللي ممكن أتقل عليه براحتي من غير مافكر كتير، هيا اصلها مبتشيلش في نفسها خالص و بتيجي تناوناولي تاني يوم عشان عايزة  مم عادي يعني :)

 آخش آخد دش عشان افوق من الأفكار المريضة، أنقي هدوم حلوة ألبسها عشان أقاوم.. البنطلون اللبني أبو ورد أبيض و البلوفر الموف، لطيف لطيف سأشعر بقليل من البهجة.. أربع ع الأرض قدام مراية الدولاب و اقسم شعري نصين، أفكر انها حاجة مريحة فعلا اني عارفة.. بل متأكدة ان الفرشة حتفك العقد في النهاية.. ياه يارب! و الله بقالي كتير ملقيتش حاجة أنا عارفالها أول من آخر.. "فرشة الشعر لما تتمسك بشكل مايل على خصل الشعر هتنفك عقده و يستريّح" معلومة أكيدة ممكن نبتدي منها..الحمد لله! بغض النظر ان الفكرة المسيطرة عليا اني نفسي اكون قاعدة القعدة دي عند حجر حد و هو اللي يسرحلي شعري.. بس مش مهم مش مهم.. سأصير يوما فيلا صغيرا...

"الفيلة البيضاء نادرة الوجود وفيما مضى كانت مقدسة، توضع في قصور الملوك والأمراء.. حتى أن الفيلة البيضاء الصغيرة كانت ترضهعا مرضعات من البشر، كما أن رسومها وتماثيلها كانت تملأ القصور."
و لكنني سأصير فيلا أسمرا صغيرا لا يهمه هذا الهراء، سأحب شكلي –أخيرا! – و أسير في الشارع وسط البشر بتمختر، أقرأ عناوين الله في وجوههم، و أمارس تمارين التحكم في الخرطوم عن طريق صفع الأشرار منهم.. سأرتدي خلخال ملون في حافر قدمي اليسرى، و أنطح العربيات عديمة المفهومية.. و حيث أنهم كانوا يقولون
"ليس أدل على ارتباط الفيل بالعظمة والكبرياء من المثل الصيني الذي يقول " ركب فلان فيلاً " : أي أصبح سعيداً".. فأستخير من المارة السيدات الكبار اللاتي يستحقن قليلًا من الراحة و أرفعهن فوقي.. سأحملهم بأكياسهن الثقيلة المليئة مبستلزمات البيت و أوصلهن حتى باب الأصانسير.. و أنا واثقة أنني سأحصد على خدي قدرا لا بأس به من القبل، و دعوات بالفرح والستر..


" تحب الفيلة التمرغ في الوحل والطمي ورش التراب على ظهورها، فذلك يحميها من حرارة الشمس الحارقة ويمنع عن ظهورها الحشرات المزعجة.."
سأصيرا يومًا فيلًا صغيرا.. أستند على مسطح بارد من الطمي لأحك ظهري و أدندن أوتار عود الشيخ حسني كما كانت بالضبط في الكيت كات.. أتذكر بحه صوته و أضحك، و أعجب كثيرًا بما فعله خرطومي من تفخيم للحن.. سأراقب السماء و أنا مستلقية هكذا و أمد حافري –الذي أظنه ضخمًا- فألتقط من الأعلى نجمة.. أخبئها لأعطيها لك في لقائنا القادم، أتوقع أن تعجبك كثيرًا و أن تشكرني، و انك مش هتفهم بردو!  يلعن مرار التلميح..

بس مش مهم مش مهم..

المهم إني سأصيرا يومًا فيلاً، صغيرًا :)


4 التعليقات:

Radwa Ashraf يقول...

المهم أني إتبسطت و أنا بقرالك.
و هتصيري يوماً فيلاً صغيراً :)

دماغي كده يقول...

إنتي عالميه!
ربنا يسعدك =)

غير معرف يقول...

:')
زورو.. القط الأنتوخ :)

SHARKawi يقول...

بجد جامدة جدا كلماتك . اسلوبك في السرد . والمعلومات اللي اول مرة اعرفها دلوقتي منك . وبعيدا عن المعلومات هو ازاي انك خليتي الفيل الصغير هو البطل الحقيقي للقصة .لدرجة ان كل من سيقرأ تلك الصفات سيتمنى أيضا أن يكون ذاك الفيل الصغير .
بإختصار شديد . ولكي لا انقص من جمال كلماتك بكلماتي . فانتي لم تدعي المجال امام احد ان يصف جمالا كما وصفتية .

لكي تقديري وتشكراتي وكامل احترامي وتحياتي