السبت، يوليو 06، 2013

ما يحدث الآن..



من بلكونة شقتنا في الدور الحادي عشر بشارع المبتديان بالسيدة زينب.. تقف أول هدية شرعية منتخبة منك فوق سور البلكونة شامخة في مشهد مهيب –الفيل الخشب اللي جبناه سوا من جنب محطة البحوث :)) - .. و الذي اصطحبته لرفقتي في ال
me time بتاعي.. خلي بالك دة استثناء عظيم و تمييز جليل له دون بقية المخاليق.. حيث لا يُسمح عادة في هذا الوقت الحرج الذي تمر به البلاد برفقة أي حاجة إلا السماعات و اللاب و كتاب.. و لكنه ببساطة تشعبط في السماعات و لفها حول نفسه بإصرار، و خاطبني بالنظرات معاتبا على تركي إياه في شنطة إيدي كتميمة طمأنينة فحسب، هوة عايز يبقى ليه دور فعّال أكتر من كدة، فتبسّمت لإصراره و أخدته معايا..
أجلس في البلكونة دون أن يخطر في ذهني مفتاح النور، الضلمة حلوة، الضلمة سكينة.. و تكفيني تماما الهالة المقدسة التي ستغطيني بها شاشة اللاب.. أنكمش في الكرسي البامبو وأغرق فيه تماما.. هححححح الغرق إحساس ممتع زي الضلمة بالظبط.. تباغتني لسعة برد أضطر بسببها أن أقطع الطقوس و اروح أجيب ملاية ألفها على كتافي.. أبتسم حين أفكر أننا سنشهد الشتاء القادم في البلكونة مع بعض، وسأذهب لأحضر لك ملاءة أخرى و ألفها على كتافك بنفسي، و سأقنعك أخيرا بشرب المشاريب الساخنة في مج.. لا لشيء سوى أنها تبدو لطيفة و نحن نضمها و نستنشق هواءها الدافئ، و اللي بالمناسبة بيساعد على بقاء مناخيرنا حمرا و وشوشنا حميمية.. اشطة؟.. القصد: أجلس الآن لأكتب أول تدوينة تلمع فيها دبلتك في الضلمة..

بصدفة بحتة و عن طريق الخطأ يقفز ساوند تراك فيلم
changeling إلى أذني، أنظر إلى السماء التي لا تعترف بالصدف و أبتسم بعتاب على هذا البيانو الذي يوشوش الحواديت -هوة انا ناقصة؟ - حسنا، لا عليك يارب.. سأتذكر قصة الفيلم و وجه أنجيلينا و هي تخبئ فمها مذعورة و ذاهلة أمام طفل صغير يصر أنه ابنها المفقود.. سأتذكر إنهاكها في محاولة الصراخ للجميع بأنه ليس كذلك و هي تبدو مختلة تماما..سأشاهد كل من حولي في مواقف مشابهة يستسلمون ببساطة للأمر الواقع.. يأخذون أطفال غيرهم في وجوم و صمت و لا يحاولون شرح الأمر، ينظرون للطفل الغريب كل صباح في عجز و يحاولون تربيته و السلام.. سأفكر في كل ذلك و أكتبه يارب، حاضر!

أرفع عيني للسماء لتلتقط فجأة نجمة متحركة، أدرك بعد قليل أنها طائرة تأخذ الآخرين من هنا و تبتعد.. اييييييه, يا مين يركبني واحدة فيكو!.. طائرة محددة الوجهة إلى فراغ آمن.. تحمل مقعدا لك يُسمح فيه لي أن أستند إلى كتفك دون خوف حتى ميعاد الوصول.. عارف؟ هيا مش فكرة اني مش لاقية حتة أسند فيها على كتفك، أنا فقط لا أفهم لماذا حُرمنا بهجة الحب في العلن! و ابتلينا بآفة المشاعر المؤجلة حتى إشعار آخر..

الطائرة تحمل حلمي و تبتعد، أفكر أنها متجة ربما إلى المكسيك، بلد تصلح للتماهي.. لن يميزنا أحدهم فيها إذا اختفينا وسط البشر ببشرتنا السمراء و شغفنا المستمر للرقص في الشارع.. سأجد فيها شواطئي الفارغة و ستجد فيها طعامك المشطشط و لن نحتاج سوى بضعة أشهر لتعلم اللغة و... ضوضاء قريبة تشوشر على الحلم، مصدرها هيليكوبتر عسكرية تمر من أمام طائرتي و تغلوش عليها تماما، إلا أنها ترسم قلوب رقيقة في السماء و تسقط ببضعة أعلام على المتظاهرين يقع أحدها ببوزه على رأس أحدهم فتنبت فيه بؤليلة كبيرة تشبه التي تنبت في رأس توم بعد خدعة متقنة من جيري.. هيليكوبتر تحتفل معنا بسقوط عشرة قتلى و 166 مصاب تقريبا، و طائرتي تختفي تماما

تخنقني بصراحة حكاية الطائرة اللي اختفت دي ودمي يتحرق شوية، أجد ملاءة الدفء خاصتي قد تزحزحت فأعيدها لمكانها، بل أتقن لفها كأي ست مصرية أصيلة.. و لكنني أستكمل المهمة لأجعلها وشاح بات ماني و أنطلق.. آخذ فيلي الخشبي المهيب في حضني و أبدأ في التقافز بين سطوح العماير قفزة تلو الأخرى على أطراف الأصابع، أعرف في داخلي أنني لو أردت الطيران لفعلت و لكنني أجد متعة خاصة في موضوع أطراف الأصابع دة..

أصل بسهولة، دون عناوين و كباري و طرق بغيضة،  أصل بوصفة سهلة عن طريق سطوح العمائر إلى شباك غرفتك.. ألف ملاءتي حولي و أجلس القرفصاء أراقب عينيك نايمة، قلبي مايجيبنيش أصحيك! إلا أنني لو فعلت, لكنت تركت لكائنات عينك مساحة القفز إلى كتفي لمواساتي قليلا..آه، انت متعرفش؟ انت تملك قارة صغيرة في عينك اليمنى تبدأ خارطتها من بعد رمشك السابع و العشرين بالضبط.. قارة كاملة لا يوجد بها سوى الشبابيك و لا يفعل أصحابها شيئا سوى الوقفة في تلك الشبابيك بفضول شديد في انتظار نظرة طيبة.. و حيث أنني أسترق لك النظرات الطيبة طوال الوقت، فاحنا بقينا صحاب ع الآخر... وبرغم بسبساتهم المصرة، إلا أنني سأغادر الآن دون أن أوقظك.

يحدث الآن أنني أستمر في الاستماع إلى ساوند تراك changeling و أترك سيل المشاعر الذي تولّده الكمنجة يطير معي فوق الطرقات، يتطقس بعين خبيرة على كل ما هو بالأسفل، ويراقب اتساخ القاع الذي ينضح في وجوه الجميع دون أن يلحظه أحد.. يخبرني السيل في السر أنه يجب إجراء دراسات علمية مكثفة على معدلات نمو الخراء في هذا العالم، و قدرته على قتل الرغبة و الشغف تجاه أية فكرة فيه فيما عدا فكرة واحدة: الهروب!

آخذ وقتا مستقطعا من الآوتينج بتاع الـ
me time وأعود إلى سور بلكونة شقتنا في السريع كدة.. أبحث عن قلم سبورة.. أفرش ملاءتي على الأرض و أكتب شعارا مهما.. أعيد لف الملاءة على ظهري بنفس الحرفنة.. أقرر الطيران هذه المرة وأبتسم و أنا أردد في سري نفس الشعار:

"لو كنت تضمني كان أفضل كثيرًا.."


0 التعليقات: