الخميس، أبريل 07، 2011

في شارع المعــز .. Alone



ما إن أطأ بقدمي الشارع حتى أجد الزحام اللطيف ،، و رائحة البهار و العطور تلف الهواء،، وتمنح البائعين ملامح لا تشبه العالم بالخارج .. برغم ذلك أسرع الخطى لأصل إلى البقعة التي أحب ، حيث الإضاءة الخافتة و ارتفاعات المآذن التي تمنحني حرية هادئة .. و الظلال الصغيرة على أحجار منحوتة بلمس خبير ، تمنح المكان براءة من نوع خاص .. و قدرة على استكمال شيء ما

الجميع يلتقط الصور .. و الأطفال تركض تركض ثم تقفز فوق الإضاءات الملونة النابعة من الأرض ..
الطفولة مبهجة ..

علاقات طفلة أخرى تنمو أمامي الآن ، في مسافة كتابتي هذه تنمو أكثر .. " بينهما .. " الود ينمو و ألمحه في وجهها المبتسم نحو الأقدام و الخطاوي في خجل ، و وجهه الملتفت للأسفل كي يلمح ما يحدث في وجهها بالضبط .. " بينهم.. " أراقب ضحكة تنمو و تتقافز في قلوب الجميع ، و امتنان للصحبة ،، و الخير .. " بينها .." و بين كاميرا بحجم قبضتيها مجتمعتين ، تحملها بحميمية كاحتضان طفل .. ألمح ذاتا تُشبع .. حتى ذلك الركن الصغير الذي يجمع امرأة بسيطة بخمار و رجل غارق في دوامة ما .. يبدو أن شيئا من انتظار الفرج سيؤنس هذه الجلسة التي ثقبها الهم ..

أما في داخلي ،، فتنمو وحدة .. و يزهر ممر صغير للهواء ...

الجميع ينظر للأعلى بين لحظة و أخرى،، كطقس روحي لمراقبة شيء أكبر .. الجميع يراقب التفاصيل ، ربما بشكل يختلف عما أكتب الآن .. إنما كلنا نجتمع على الدهشة ..و السكينة التي يمنحها المكان هنا ..

في أذني يدندن All Bowly


" is it a scent .. is it a crime .. loving you dear like I do " if it's a crime then i'm guilty ... "


مذنبة أنا بالفعل !


أراقب المقعد الحجري الضئيل الذي استند إليه ظهري في آخر زيارة لي هنا .. كنت برفقة قلبين طيبين " دينا و بولا " .. و أرى الآن شيماء – " بولا " – تحضر لنا البطاطا الساخنة و تحاول اقناعي أنني لن آخذ منها لأنني لم أبق لها قطعة من الشيكولاتة ..

جلسنا متربعين على الأرض نحكي .. و نستغرب و نقلق ، و نتذكر و نضحك .. و نحكي .. و نتذكر ونستغرب .. حتى غادرنا سريعا بأحذية سندريلا التي تملأ أسواق البنات هذه الأيام و تملؤنا جميعا بهوس الوقت .. غادرنا إلى " بابا عبده " ، و اشتريت سندويتش بطاطس كبير مغطى بطبقة من الجبنة ، و مصمم خصيصا لإلهائي تماما في رحلة العودة للبيت ..


" كل الأماكن فيها غربة .. إلا حضنك! "


لا يمكنني نكران ذلك برغم انتشائي بالمكان .. برغم وقفتي منذ قليل أمام المحل الذي يبيع قطع كلاسيكية تبدو و كأنهامن عالم آخر و تخطفني من هنا ..تمنحني الوقفة أمامه شعورا يشبه مراقبة الأسقف العالية في المساجد ،، خاصة مسجد قلاوون .. وقفت لأكثر من خمس دقائق أمام آلة كاتبة صغيرة و قديمة جدا .. و تذكرت " ماكس " من فيلم " ماري و ماكس " و طقطقة آلته الكاتبة و بحة صوته التي تترك أثرا في روحك " غصبن عنك " ..و هو يعيد الحديث قبل أن تطقطق آلته الكاتبة به .. هذا الفيلم الغريب ، سكنني لأكثر من يوم ، و لم أتخلص من كل مافعله بداخلي حتى الآن ..



في محل آخر تباع بوسترات دعائية قديمة جدا .. تضحكني جدا دعاية " ستيلا يا غرامي .." و بوستر " كوكاكولا" على هيئة غطاء مشرشر كتب بمنتصفه " اشرب كوكا كولا .. ماركة مسجلة " ..

لسبب ما تزورني غربة صغيرة بالرغم من كل ذلك ، و تجعلني أرغب في ترك جلستي و القلم لألمس أحد الأحجار الغائرة هناك بكف يدي .. وأسير بأطراف أصابعي على النتوءات الضئيلة التي لا يعلم عنها أحد .. أعتقد أنها ستجد في ذلك نوعا من المواساة الحقيقية الخالية من التكلف .. و التي نفتقدها جميعا ..

كنت منذ مدة أقول بأنه من الغباء قليلا أن تكوم الذكريات في أماكن ستظل تخصك .. سيجعلك ذلك هدفا سهلا للمتلصصين من أبطال ذكرياتك و هم كثر .. ستصبح مطاردا و ستظل تركض طوال الوقت .. و تختبئ طوال الوقت .. و سيقابل الجميع شكواك من الأمر بالاعتياد .. ثم الامتعاض .. ثم اللاشيء تماما ثم ... لماذا القلق ؟ فلتذهب كافة القوانين إلى الجحيم ببساطة .. الذكريات تطاردنا على أية حال حتى و إن سافرنا إلى قطب آخر لتكوينها مثلا ! .. و كما قال أحدهم : " في داخلي – و في داخلي فقط - .. غابتي ،، و بستاني .."

الساعة الآن 8.17 مساءا .. حذاء سندريلا يدغدغ قدمي ...

أشوفكو بعدين !


2-4-2011


من أمام مسجد قلاوون ..



1 التعليقات:

يمامة شاردة يقول...

مش عارفة ازاي بتعرفي توصفي الحاجات كده..!

أنا هنا _في المدونة دي_ حاسة إن أنا اللي بكتب..أو بمعنى أدق أنا اللي بحس وانتي اللي بتكتبي..!

دا غير تشابه الحالات و الأحاسيس..!

أنا حقيقي ممتنة لوجود المدونة دي..! :)