أحمل كيساً يحوي فستان جديد و ثلاثة علب من الحلوى متفاوتة في الحجم تخفي الجزء العلوي من جسدي فيما عدا العينين لأراقب بهما الطريق، الشارع الذي يحاول الاحتفاء بالعيد..
رمضان خلص!
مما يعني بالضرورة عودة المشروبات الصباحية التي تضبط اليوم، تناول أشياء أخرى -بخلاف الدواء- أمام الناس دون الشعور بخزي ضمني يتطلب التخفي .. ثم يعني أيضا قدرا لا بأس به من السب و اللعن أمارسه الآن منذ حبة حلوين كدة على البمب و اللي جابوه و اللي فرقعـــوه .. فما إن أجلس هادئة قليلاً في محاولة للتخلص من آثار حالة الهوس المرهقة في الشوارع .. أغمض عيني للحظة واحدة في محاولة لتلقي أي شيء، حتى تدب طرقعة البمب ف صرصور ودني وطبلة نفوخي، فيندفع لساني بالنداء الآلي المعتاد على عدد من أًصدقائي من موتى العالمين :
ميتين أهاليكو ارحموا ميتين أهلي بقى ... يا ميتيـــن أهلي!!
و لكنني لا أحيي الموتى و لا أبرئ الأكمه و الأبرص.. و لا أحد هناك ليرد عليّ!
أضطر آسفة لوضع السماعات في أذني و أقول في نفسي : المزيكا هي الحل يا ولاد المجنونة!.. ملحوظة: في هذه اللحظة بالذات تفرقع بمبة جديدة و يبدأ الصداع في النزول على عيني و نصف وجهي الأيمن..حلو الكلام؟! كما أن السماعات لا تكفي للتغطية الكاملة على كل أصوات الهراء.. بول شيت يا جدعان!!
أدعبس عن المنقذ، فأشعر بشكل فجائي أن عشرون جيجا بالصلاتو على النبي من المزيكا لا تحوي سوى الهراء،و لا تصلح لمعالجة ما يحدث داخلي أو مقاومة محفزات كل هذا العطب، لا شيء يصلح قليلاً سوى فولدر الكلاسيكيات ،شوبان سيتقافز و فيفالدي سيخطو بتأني و..... يا نهار اثود! تنجح ابنة أختي الصغيرة في إسقاط شيء ما فتنهرها أختي و تبدأ وصلة أخرى من البكاء و الصراخ حولي ، هذا بالإضافة للبمب و الصواريخ و الميتين و باخ و فيفالدي .. هيا بنا نسبح في المهلبية يا ولاد .. المهلبية تحوي محل الإيشاربات الذي لم أتمكن من أخذ أنفاسي بداخله و الفتيات يتناقلن قطع القماش كنميمة بغيضة، ثم ثلاثة محال للحلوى نفذت منها أطنان البسكويت و الغريّبة و غرقت أنا فيها في قدر من الزحام و الهلع الذي أصاب الجميع على بقايا الحلوى ... جعلني أشعر بغثيان مفاجئ و رغبة في الصراخ! هذا نتاج رغبة ساذجة في إهداء البيت بسكويت و غريبّة بمرتب الشهر الجديد .. سذاجة مفزعة يعني! ثم الآن اثنتنان من أخواتي يمارسن طقس من الغناء و التصفيق الهستيري لإسكات الصغيرة التي يزداد صراخها حدة، فتتوقف أختي عن محاولة إسكاتها و تصرخ من جديد.. أحاول حشر السماعات في أذني بقوة أكبر و التأثير عبارة عن "ولا حاجة بجناحات"... فأقرر أن أترك التدوينة العظيمة و أذهب لأحل الموقف عشان أنا ست أبوها ..
أنهر أختي عن ممارسة الهستيريا في التعامل مع صغيرة لم تمكث في العالم البغيض سوى سبع شهور عُمي!.. تخبرني تفاصيل لا تهمني عن دلع العيال و مينفعش تتشال طول الوقت و المشاية التي لا تقبل بها الصغيرة بديلا عن حضن له ذراعين .. أحاول الامتناع عن التلفظ بكلمة قبيحة حروفها تلاتة عشان محبكش نعلم ميتين أم العيال يقعدو في المشايات ليلة العيد ف وسط الموريستان يعني... و أحمل الصغيرة بنفسي و أبدأ في هدهدتها بأغنية غير مفهومة تحوي مقطعا واحدا لا غير : قطة و عصفورة ، و ريماس الأمورة!!
فتصمت ريماس أخيرا و تهز إحدى قدميها في سلطنة ...
بعد انتهاء الوصلة الغنائية تكتشف الصغيرة مدى حرارة الجو فتبدأ في شد شعرها في غيظ..لا يمكن وصف مدى كوميدية وجهها الصغير المغتاظ و هذا الري أكشن التلقائي الملهم!!.. يبدو أن الأمور ستهدأ و سينتهي بي الأمر في هستيريا من نوع آخر أفضل، هيستيرية ضحك!!
لا أدري لماذا أتذكر في هذه اللحظة بالذات أنني علمت للمرة الأولى أنك تبدو لي شخصاً ممتعاً بالفعل عندما تحدثت أمامي عن ولعك المبرر تماماً بالكابوريا السودا.. أضحك من جديد،، و أبدأ في تذكر أشياء أخرى مبهجة...
حسناً .. الزحام يأكل البهجة بلا تسمية و لا ذبح حلال!,, الإرهاق يدفع للجنون ... أحمل كيس به فستان جديد و ثلاثة علب من الحلوى و أفاجأ في مدخل عمارتنا بسرب مرعب من النمل متفاوت الحجم و اللون يركض بهستيريا تناسب الحالة.. أرغب في ترك علب الحلوى لهم في سلام، ربما سأراقبهم قليلا ينقضون على البيتيفور و يلمئون العلبة و يستمرون في الركض في هلع ..النوم هو الحل !!!
العيد حلو يا جدعان ، أنا بحب العيد و النعمة.. المشكلة أن ما يحدث ليلة العيد يشبه التبول على قطعة حرير كي تصبح رطبة و مناسبة للحر!.. حاجة كدة تستدعي الشتائم وحدها و لا شيء آخر
هذا لا يمنع رغبتي الأساسية في التعييد على الجميع ، و إخباركم أنني اشتريت فستان بهيج بمناسبة العيد ... و أن فكرة الفطورعلى غريّبة و شاي بلبن تشعرني براحة ضمنية ..
كل سنة و انتو حلوين..و من الزحان مرحومين .. قولو آآآآمييييييييين