السبت، فبراير 13، 2010

كنت هنا ... أنا !


شيء لطيف بالفعل أن أصحو على صوت فيروز ..

غفونا جميعا و تركناها في نومنا تهدهد البيت المهمل من قبلنا تماما ،، فالملل المصاحب " لزعابيب أمشير " يمنع إزالة الأتربة عنه كل يوم ، و الإجازة تتطلب تركه وحيدا ،، مطـــولا ..

أفكر كثيرا في هذا البيت و ماذا سأفعل ان تركته ؟ أمضيت في هذه الشقة 4 سنوات من الوحدة .. تحملتها كثيرا و تحملتني أكثر ،، كانت قادرة تماما على احتوائي و تخبئتي قبل أن تزدحم الآن.. قبل أن أضطر إلى الاختباء في الحمام لأبكي قليلا ! و أن أغطي وجهي جيدا قبل النوم لمنع لحظه ،، وأخشى من التساؤلات ... إنه ثمن الزحام

أفكر في الليالي الأولى التي أمضيتها برفقة دماغي و أركانها فحسب ،، كنت أصغر و لكنني لم أكن أعاني من الخوف أبدا ،، حتى أنني كنت "ومازلت " أطفئ كل شيء لأنام .. أنوار ، هاتف ،، تلفاز ... يحسدني الكثيرون حتى الآن على ألفتي بالوحدة بهذا القدر ،، يقولون أنني لن أمر بمصاعب الزواج الأولى من معاناة الوحدة و لذلك سأصبح زوجة جيدة قليلة الشكوى ! لا يدركون أن هذه ليست المشكلة بالمرة ،، و أنني ربما لن أتزوج من الأساس ..

أفكر في فترة أخرى كيف كنت أمقت حالة الوحدة هذه و ألوم الكون كله على كافة الأحداث التي تمر بي ،، أفكر كيف مرت و صرت لا أشعر بصوت أنفاسي هادئا سوى وحدي .. ما إن حدث ذلك حتى اختطفت من بيني و عدت للزحام !

مازلت لا أتصور كيف يمكنني أن أعيش في بيت آخر ،، أعلم عن نفسي تعلقي بالأشياء و الأماكن "و الأشخاص أحيانا " .. ينقبض قلبي كلما تحدث أبي عن بيت آخر أكثر سعة لأخواتي و أزواجهن بغرفة كبيرة لي وحدي ..ملأى بكل شيء ،، إلا أنا !

أستغرب كثيرا كيف يمكن أن نجمع أنفسنا و سنوات منا و أحداثنا و تفاصيل أصغر ،، في مكان واحد .. ثم نتركه لآخر ،، يكنس كل هذا ببساطة و يلقه من أصغر النوافذ .. عالم على كل بقعة من حوائطه همس أو خدش أو جرح بخط يدك .. فرح كبير و آخر يتوارى خلف أحد الأركان ،، تفاصيل لا حصر لها لن تحدث ثانية ،، سيلفها البياض و سيتم مسح ذاكرة المكان بدقة لتحتمل أحداثا أخرى ،، و عوالم تخص آخرين و لا تخصك !

أفكر بطريقة تراجيدية أكثر و أتخيل زيارة ما لهذه الشقة و هي تخص غيري ،، الغرف أكثر أناقة و قد تخلصت من فوضويتي و التفاصيل تخص غيري بشكل مؤلم ،، يشبه الألم المصاحب لاختطاف دمية من فتاة تعشق جدها و لم يهدها سوى هذه الدمية ... يشبه الدهشة التي تصاحب الاحتلال !

حسنا ،،
مازلت ممتنة لفيروز على هدهدة البيت في أثناء نومي ،، و طمأنتي قليلا بلكنتها الحميمية و صوتها الهادئ :

" كتار هالزوار ..
شوي و بيفلو ،،
و عندنا الحلا كله //
وعندنا القمر بالدار ،،
ورد و حكي و أشعار ...
بس اسهـــر
"

0 التعليقات: