أي شيء، أريد أي شيء!.. حلم، خبر، جملة في كتاب،فكرة تهب فجأة!.. أي حدث بسيط ساذج و أنا "هتلكك" و سأعتبره طرف الخيط .. أي لمحة عن القادم سأتمسك بها و أحاول حياكة طريق.. أي لافتة تشير في أي اتجاه خارج الدوامة... أي شيء سيكون أهون.. أرجوك! أنا أعرف أن الأنبياء قد رحلوا ولن يأتينا وحي عن زحام سمائك بمن غادرونا بدري.. أو بما سينتج عن إزاحتهم عن خارطة العالم هذه المرة، وزارة جديدة؟ أم خطاب عن ضبط النفس.. الأنبياء قد رحلوايارب.. حتى العرافات الآن يكتفين بوشوشة الودع ليخبرن البنات أنهن سيتزوجن، وينبئنهن بفرحة قادمة لا مؤشر حقيقي لها في خرائط قهوتهن.. اعتزلن تماما شئون الحكم و الأرض والأوطان.. و إطلاع الفرسان العزل على جزء من الطريق وسط معركة في هذه العتمة بلا خرائط .. العرافات امتنعن..حتى العرافات يردن المال يارب، و الأنبياء رحلوا.. و أنا تائهة في دوامة العالم البغيضة و أريد لمحة بسيطة تطفئ همي، من فضلك!
يتعذر على عقلي التافه أن أفهم، أسب و أبغض ما يحدث و أحاول أن أشارك ثم يقف عقلي من جديد.. زنة بغيضة تلاحق أذني وأنا أشاهد ما يثبت أن حاميها حراميها بالفعل .. ينقطع الإرسال في رأسي ليستبدل بمشاهد حقيقية.. ليست نظريات مؤامرة ساذجة إذن، دة مش حاميها حراميها بس.. دة حارقها و سارقها وقاتلها و زانيها، إنهم يحرقون الأرض بمن عليها يارب.. وأنا لن أفهم كل هذا وحدي!
" الملعونون هم كل من بقوا على قيد الحياة"
في كل مرة تدق هذه الجملة في أذني بمصاحبة الزنة إياها و أنا أفكر.. أينا أكثر حظاً؟ هم لهم السما و شرف الشهادة و الخلاص ، و لكل منا عشرة سنتيمترات في كل مواصلة و مئة و خمسون جنيه من الحكومة شهرياً و صفعة بعصا الغنم في الميادين.. ولكننا أيضاً هنا، نجلس معاً على القهاوي نصبّر بعضنا و نمسك بالأيادي و نأمل أن كل خطوة جديدة لربما أوصلتنا.. هم في الأعالي يضحكون مثلنا على النكات الخاصة بتأسلم كل شيء، يضحكون بغصة في الحلق تمنعهم من الاستمتاع بالتحليق ... و تنقبض قلوبهم إذا ما فكروا أنهم ربما ماتوا في سبيل هذا العبث!
أينا أكثر حظاً؟
تختلط المشاهد في رأسي،... البالونات السوداء التي نعت الشهداء تطير في سماء يملؤها دخان احتراق المجمع والمباني حوله.. العتمة تهب فجأة في قهوة بستان شارع شريف ليصبح شبيهاً بمحمد محمود ومجلس الوزرا بعد أن غادرتهما الحياة، ثم تتحول قططه إلى أطفال شوارع تطارد الجميع بالمولوتوف.. تختفي الكتب في كل فرشة و يحل محلها جرنان التحرير بصفحة أولى يتصدرها " كـــذّابــون" برفقة صورة جندي يعري امرأة، و وسط الميدان شاشة كمبيوتر ضخمة مليئة بتعليقات الفيس بوك عن ملابسها الداخلية الفاضحة، و التي ستؤثر حتماً في القضاة.. و نزاهة الانتخابات!